والواقع أن أبا تمام كان له ابن اسمه محمد وكان للشاعر اخوة؛ وقد رثى الجميع بأربعة أبيات من الشعر الذي تتجلى فيه شخصيته:
فلا يشمت الأعداء بالموت إننا ... سنخلى لهم عن عرصة الموت موردا
ولا يحسبُنَّ الموت عاراً فإننا ... رأينا المنايا لم يدعن (محمدا)
ولا يحسب الأعداء أن مصيبتي ... أكلت لهم مني لساناً ولا يدا
تتابع في عام بُنَيَّ واخوتي ... فأصبحت إن لم يخلف الله مفردا
ففي نونيته يقول أبو تمام:
بني يا واحد البنينا ... غادرتني مفرداً حزينا
وفي هذه الأبيات يقول: (فأصبحت إن لم يخلف الله مفرداً)
وقد أخلف الله عليه فرزقه (تماما) الذي ورد ذكره في تهنئة محمد بن طاهر عند ولايته خراسان، فمعلوم أن أبا تمام ولد سنة 192 هـ ومات سنة 231. ويمكننا أن نفرض أنه تزوج في سن العشرين تقريباً أي في سنة 212 أو 215 وأن ابنه محمداً مات صغيراً قبل العاشرة أو حواليها أي في سنة 222 أو 225، وفي هذه السنة عينها مات اخوته (تتابع في عام بني وأخوتي)
وإني أكرر أن نونية أبي تمام من رائع الشعر. وإني أدع جانباً الأبيات التي ذكرتها من قبل والتي صور فيها ابنه وهو على فراش الموت، وأجتزئ هنا بذكر أربعة أبيات أخرى من آخر القصيدة تطل من أسلوبها وكلماتها روح حبيب:
تصرف الدهر بي صروفا ... وعاد لي شأنه شؤونا
وحز في اللحم بل براه ... واجتث من طلحتي فنونا
أصاب مني صميم قلبي ... وخفت أن يقطع الوتينا
فالمرء رهن بحالتيه ... فشدةً مرة ولينا
ولم يرو الصولي البيت الثاني
وقد نظم أبو تمام الأبيات الدالية التي رثى بها اخوته وابنه محمداً بعد النونية، ويظهر أنه عند نظمها كانت امرأته (تحمل) تماما. . . الذي مات عنه صغيراً، وقد ولى محمد بن طاهر خراسان في سنة 248 فتكون سن تمام وقت تهنئته ابن طاهر 25 سنة تقريباً، ولا