فوق منكبيك بصورة لا تُبقي لك فرصة من فرص المكابرة والروغان؟
إليك أسوق البراهين التي تقطع بأن الشيخ الإسكندري نقل عني، والتي تجزم بأنك سرقت من كتابي
والحمد لله الذي أتاح هذه الفرصة، ليعرف تلاميذك بدار العلوم أنك تقدم إليهم معارف أدبية لم تشقَ في تحصيلها لحظة أو لحظتين، وإنما نهبتها في الخلفاء، ولم تكن تعلم لسوء حظك أن الحقوق تردّ إلى أصحابها، ولو بعد حين
أنت قلت في كلمتك الثانية إني التفتّ إلى نص زهر الآداب مصادفة حين قمت بتصحيحه في سنة 1925، وهذا حق، فالمصادفة هي التي هدتني إلى النص الذي يجعل بديع الزمان متأثراً بابن دريد في إنشاء المقامات، ولكن كيف رأيتُ لهذا النص قيمة تستحق التسجيل؟ إنما كان ذلك لأن الدكتور (أحمد ضيف) كان حدثنا في محاضراته بالجامعة المصرية أن فن بديع الزمان في المقامات مستوحى من الآداب الفارسية، ولولا ذلك لكان من الجائز أن يمرّ نص زهر الآداب بدون أن التفت إلى قيمته في تاريخ الفنون الأدبية
وقد حدثت الدكتور أحمد ضيف عن هذا النص فأجاب بأنه لا يزال عند رأيه الأول، ثم حدثت الدكتور طه حسين عن هذا النص فجادلني فيه وانتهينا إلى رأي سجلته فيما بعد بالتفصيل
وفي سنة 1927 شرعت في تأليف كتاب النثر الفني باللغة الفرنسية وأثبتّ فيه النص الذي اهتديتُ إلى قيمته في زهر الآداب، ومعنى ذلك أني حررت هذه المسألة قبل أن يلتفت إليها الشيخ الإسكندري في سنة 1930
ولكن كتاب النثر الفني لم يظهر في مكاتب باريس إلا في سنة 1931 فكيف يصح القول بأن الشيخ الإسكندري نقل عني؟
لم ينقل الشيخ الإسكندري في سنة 1930 عن كتاب ظهر بالفرنسية في سنة 1931 فذلك غير معقول، وإنما نقل الشيخ الإسكندري عن كتاب نشره زكي مبارك في سنة 1929 وهو الطبعة الثانية من زهر الآداب، ففي هامش الصفحة 307 قال زكي مبارك في التعليق على عبارة الحصري ما نصه بالحرف: (مؤدَّي هذا الكلام أن بديع الزمان ليس مبتكر فن المقامات، وأنه حاكى ابن دريد في أحاديثه، وقد استغللتُ هذا النص في كتابي الذي وضعته