مجله الرساله (صفحة 32293)

وَنَسِيتُ الْهُدُوَء وَالضَّجَّةَ الْهَوْ ... جَاَء سِيَّانِ سَكْتَتِي أو بَيَانِي!

وَنَسِيتُ الكَلاَمَ مَاذَا جَنَي المُصْ ... غِي إليه سِوَى بِغَاءِ اللِّسَانِ؟

وَنَسِيتُ السُّكُونَ وَهْوُ عَزِيفٌ ... أَبَدِىٌّ الصَّدَى أَشَلُّ الْمَثَانِي

وَنَسِيتُ الْحَيَاةَ وَهْيَ رَمَادُ ... نَفَخَتْ ذَرُّهُ يَدُ الشَّيْطَانِ

وَنَسِيتُ الْفَنَاَء وَهْوَ بِجِسْمِي ... هَادِمٌ يَرْصُدُ الْفَنَاَء لِبَانِي!

وَنَسِيتُ النِّسْيَانَ وَالذِّكْرَ حَتَّى ... صِرْتُ وَهْماً فِي خَاطِرِ النِّسْيَانِ!

وَتَجَرَّدْتُ مِنْ زَمَانِي وَكَوْنِي ... لِزَمَانٍ مُحَجَّبٍ عَنْ عِيَانِي

وإِذَا بِي فِي قَفْرَةٍ أَلْقَتِ الصَّمْ ... تَ عَلَيْهَا صَوَامِعُ الرُّهْبَانِ

خَاصَمَ الدَّهْرُ لَيْلَهَا فَهْيَ دَهْرٌ ... مَا رَأتْهُ سَرِيرَةُ الأكْوَانِ

وَلَوَى الْجِنُّ خَطْوَهُ عَنْ ثَرَاهَا ... فَهْيَ حَتْفٌ لِكلِّ إِنْسٍ وَجَانِ

لاَ ظَلاَمٌ، وَلا ضِيَاءٌ، وَلَكِنْ ... هَمْهَمَاتٌ يَلْغَطْنَ فِي وِجْدَاني

جُبْتُ فِيهَا حَيْرَانَ أَقذِفُ نَفْسِي ... فِي خِضَمٌ مُغَيَّبِ الشُّطْآنِ

وَإِذَا أَشْيَبٌ يُغَمْغمُ كالْمَجْ ... نُونِ بَيْنَ السُّهُولِ وَالوِدْيانِ

شَعْوَذَتْهُ السَّمَاءُ فَهْوَ خَيَالٌ ... يتَزَيَّا بِصُورَةِ الإنسانِ

آدمِيُّ الرُّوَاءِ أَذْهَلَهُ الوَهْ ... مُ وَغَشَّتْهُ هَبْلَةُ الْحَيَوَانِ

نَقَشَ الْعَنْكَبُوتُ فَوْقَ مُحَيَّا ... هُ ظِلاَلاً مِنْ صُفْرَةِ الأَكْفَانِ

مُقْلَتَاهُ بِئْرَانِ دَلوُهُما الظَّ ... نُّ وَغَيْبَانِ فِي الدُّجَى تَائهَانِ!

وَيَدَاهُ لَقَامَةِ الزَّمَنِ الأَعْ ... رَجِ عُكّازَتَانِ مَشْدُوخَتَانِ!

ضَمَّ إِحْدَاهُما وَلَوَّحَ بِالأُخْ ... رَى لِوَادٍ مُخَدَّرٍ نَعْسَانِ

فِيهِ نَهْرٌ مِنَ الدُّمُوعِ، وَجُبٌّ ... مُترَعٌ بِالأَنِينِ وَالأَشْجَانِ

وَقلوبٌ أَقَلَّهَا بَيْنَ جَنْبَيْ ... هِ سَفِينٌ يَجْرِي بِلاَ رُبَّانِ

وَاِلهَاتٌ، مُجَرَّحَاتٌ، حَزَانَى ... مَزَّقَتْهَا فَوَاجِعُ الأَزْمَانِ

بَيْنَهَا ثَاكلٌ، وَآخَرُ شَجَّتْ ... هُ يَدٌ لِلأَسَى بَغَيْرِ سِنَانِ

وَشَقِيٌّ يَسُوقُهُ نَحْسُ دُنْيَا ... هُ إلى مَرْفَأٍ شَقِيِّ الْمَكَانِ

وَيَتِيمٌ، وَبَائِسٌ، وَغَريبٌ ... وَشَرِيدٌ مُقَطَّعُ الأَرسَانِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015