مجله الرساله (صفحة 32114)

أوقدنا النار، وشربنا الشاي، ولمعنا البنادق وملأنا خزاناتنا بالرصاص

وكان ينهض واحد منا كل ساعة ومعه كلبان من كلاب الحراسة، فيدور حول المزرعة ويتفقد مرابط الخيل وحظائر الماشية. . .

ونهض أحدنا، وكنا مستغرقين في الحديث فلم نشعر بغيابه. . .، وسمعنا على غرة نباح كلاب شديد قادم من شرق المزرعة. . . ثم ومض البارود، وأز الرصاص، وملأ الدخان عنان الجو، فنهضنا مسرعين واتجهنا إلى الناحية التي سمعنا منها صوت الطلقات. . . ثم خفنا أن تكون هذه حيلة بارعة لتبعدنا عن المزرعة، فعدنا إلى مكاننا وأعيننا لا تتحول عن سهام النيران الحامية. . .

وانقطع صوت النار وبقى صوت الكلاب، وأخذ نباحها يقترب منا. . . ثم برز شبح في الظلام، فصوبنا بنادقنا وهتفنا بالقادم. . . فرد علينا اسماعيل (أحد رفاقنا) بصوت أجش. . . واقترب منا وهو يلهث، ووجهه يتصبب عرقاّ، وغدارته تفوح منها رائحة البارود. . .

فصحنا في صوت واحد

- وهل أصبت. . .؟

- لا ولله الحمد. . . وإنما كدت أن أقتل. . . وكل ذلك بسبب هذين الملعونين. . .

واستطرد وهو يشير إلى واحد من الكلبين

_ لن ترافقني مرة أخرى يا مسعود!

فسأله رفيق له:

_ هل مررت على القرية؟

فأجاب في إيجاز متعمد:

_ أجل. . .

_ وهل كان من الضروري ذلك في هذه الساعة من الليل. . .؟

_ أجل. . . كنت في حاجة إلى تبغ. . .

_ أكنت في حاجة إلى تبغ أم كنت في حاجة إلى شيء آخر. . .؟

فصمت ولم يجب على أن وجهه كان ناطقاّ بفعلته. . .

وسأله أحدنا مازحا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015