وذكر محمد سعيد السرقسطي المعروف بابن المشاط الإصطرلابي الأندلسي أنه رأى لجابر بن حيان بمدينة مصر تأليفاً في عمل الإسطرلاب يتضمن ألف مسألة لا نظير لها)
ونحن إذا سلمنا بوجهة نظر ابن النديم؛ فإننا نستطيع أن ننسق من جديد ما يقوله (الفهرست)، وأن نعيد مبنى هيكل حياة جابر بن حيان؛ فإذا كان جعفر الصادق الذي عاش من 699 - 765م أي 89 - 155هـ هو أول أصدقاء جابر ومعلميه، فإن تاريخ ميلاد هذا الأخير حوالي سنة 730م أي حولي 120هـ وهكذا يمكن أن يكون قد ارتبط، وهو في سن الستين أو السبعين، بعلاقة ما مع البرامكة. ولا يجد الجلداكي ثمة غرابة في أن يكون لجابر نشاط أدبي عظيم لأغراض علمية وفلسفية وإلهية.
والبرهان على حياة جابر وتنظيمها أثبت في كتاب الجلداكي (البرهان في أسرار علم الميزان). جاء في هذا المخطوط: الأستاذ الكبير جابر بن حيان ولد في الكوفة، وهو من قبيلة أسد فهو طوسي الأصل صوفي المذهب، تتلمذ في صباه على حرابي حميرات أحد المعمرين. ويذكر لنا جابر أن حميرات هذا قد عاش أربعمائة سنة؛ أي أنه ولد في سنة 200 قبل الهجرة وعاش حتى حكم هارون الرشيد، أي أنه مات سنة 170هـ تقريباً. وعن هذا المعمر أخذ جابر العلم في صباه؛ ثم رحل إلى حيث يوجد الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه وتتلمذ عليه وصار بعده إماماً. ثم اتصل بعد ذلك بالبرامكة ومارس تحت ظلهم الكثير من التجارب، وعن طريق جعفر البرمكي اتصل اتصالاً مباشراً بهارون الرشيد وأهدي إليه الكثير من كتبه.
وعلى هذا الأساس فإن جابراً بعد أستاذاً للكيمياء. ومما ساعده على ذلك أنه أحضر في أيامه الكثير من المؤلفات الكيميائية اليونانية من بيزنطة إلى بلاط الخليفة في بغداد. أضف إلى ذلك أن جابراً نفسه قد انهمك في الفلسفة حيناً من الزمن ثم مات وله من العمر تسعون عاماً أي حوالي سنة 210هـ أي 820م. بعد تصنيفه لثلاث آلاف رسالة وكتاب.
الخواص العلمية لكيمياء جابر
كان بن حيان أول من فطن إلى الناحية التجريبية الخالصة في الكيمياء، وبهذه الوسيلة تيسر له أن يأخذ بيد هذا العلم الناشئ في ناحيتيه النظرية والعلمية، ويمكن أن نتتبع أثر جابر هذا في الكيمياء وكيميائي أوربا.