للأستاذ فوزي الشتوي
إزاحة الستار
وأخيراً أزاح موسوليني الستار عن موقف إيطاليا، وأعلن اشتراكها في الحرب، دون أن يذكر سبباً معقولاً يبرر به إسالة الدماء عندما يسجل عليه التاريخ فعلته. فقد كانت شكواه من الحصر البحري الذي حد من النشاط الإيطالي
ويعرف العالم أجمع إلى أي مدى عاونه الحلفاء على تحقيق أغراضه، حتى أصبح موقفه وهو خارج الحرب أشد خطورة على المدنية منه وهو داخلها، إذ كانت مساعداته المادية لألمانيا النازية تتجاوز الحد المعقول
وبالرغم من أن الحلفاء عرضوا عليه التسوية، وأن المفاوضات سارت شوطاً بعيداً لإزالة عقبة الحصر البحري. فإن الأطماع الدكتاتورية ثارت دفعة واحدة، فإذا المفاوضات توقف فجأة دون سبب معقول
أما الأسباب الحقيقة لدخول إيطاليا الحرب فيسهل لمسها في رد الكونت شيانو وزير خارجية إيطاليا إلى سفير فرنسا، إذ قال معناه إن إيطاليا تعلن الحرب تنفيذاً لاتفاق موسوليني وهتلر. إذن فلم يكن الحصر البحري سبب شكوى إيطاليا! ولم يكن الضغط الاقتصادي سبب تمردها على أساليب الحضارة وخروجها على أسس المدنية، بل الأطماع الشخصية الدكتاتورية هي التي جعلت هذين الفردين يلقيان بالعالم في أتون الحرب
إيطاليا لم تتغير
وإيطاليا سنة 1940 هي إيطاليا سنة 1914 لم تتغير أخلاق أهلها أو طرق معاملتهم بتغير نظم الحكم، ولم يتغير حكمهم على الحوادث بتقدمهم في مرافق المدنية. فلم يتحكم في حالتها إلا الطمع والرغبة في الاستعباد. ففي سنة 1914 كانت إيطاليا حليفة لألمانيا والنمسا، وفي سنة 1940 نراها حليفة ألمانيا التي ابتلعت النمسا. وفي سنة 1914 دخلت إيطاليا الحرب بعد تردد طال عشرة أشهر حصلت في أثنائها على معاهدة لندن فخانت من أجلها حليفتيها السابقتين وأعلنت عليهما الحرب. وفي سنة 1940 تكرر إيطاليا نفس الموقف ولكن