مجله الرساله (صفحة 29640)

القصص

الكتابة على الأرض

(مقتبسة عن أسطورة قديمة)

للكاتبة الأسوجبة سلمى لاجيرلوف

بقلم الأستاذ صديق شيبوب

كان قد صدر الحكم على المرأة الزانية، وكانت تعرف أنها سوف تعدم. . . إن الذين ألقوا القبض عليها، متلبسة بجريمتها، قادوها إلى الهيكل أمام الكهنة ورجال الشريعة، فأصدروا حكمهم عليها وفاقاً لشريعة موسى التي تقضي بإعدام الزانية رجماً بالحجارة. . .

كانت هذه الزانية هزيلة الجسم، وكانت ثيابها ممزقة وجهها دامياً من أثر الضرب الذي انهال عليها. . . وكانت لفرط ذعرها شبه ميتة، وقد ظلت ساكنة صامتة أمام قضائها. . . فلم تحاول أن تدافع عن نفسها، ولم تقاوم قبل ذلك الرجال الذين ألقوا القبض عليها وقادوها إلى الهيكل، أولئك الذين يدفعون بها الآن إلى المكان المعد لتنفيذ الحكم الصادر عليها. . .

على أنها بالرغم من مظاهر الضنك البادية عليها، كانت روحها مليئة بغضاً، ودمها يفور في عروقها غضباً. . . وكان واضحاً جلياً أنها لا تشعر بوخز ضميرها الهزيمة. . . فقد كان زوجها شديد القسوة في معاملتها، وكان يضربها ضرباً مبرحاً، ويحتم عليها أن تشتغل وتكد من غير أن يوجه إليها كلمة مؤاساة طيبة. . . لذلك لم تكن تعتقد أنها مدينة له بالأمانة والوفاء. . . وكانت نساء الحي يعرفن ما تقاسيه ويعجبن لصبرها على تحمل المضض، وطاعتها لأوامر زوجها، وأنها لا تقابل الشر بالشر. . .

وشعرت فجأة بالمصير الذي ينتظرها. . . فصرخت صرخة مدوية، وتراجعت إلى الوراء. . .

سمعت منذ نعومة أظفارها أحاديث كان الناس يتناقلونها همسا فيقولون: إنه يوجد في هيكل أورشليم مكان مخيف لا يقصده الناس إلا مرغمين؛ وكان هذا الموضع ساحة ضيقة في شكل مربع ذات أرض سوداء تحيط بها جدران عالية مشيدة بحجارة ضخمة. . . لم يكن في تلك الساحة مذبح، أو أقفاص حمام، أو مكاتب صيارف. . . لم يكن فيها غير كومة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015