للدكتور عبد الوهاب عزام
- 1 -
لقد أعقب موت تيمورلنك عصراً من الاضطراب السياسي في إيران وما وراء النهر. وقد استطاع ابنه شاه رخ أن يثبت سلطانه على معظم ملك أبيه، ويكبح الثائرين من أقاربه. فلما توفي سنة 850، عم النزاع، وأشتد الاضطراب، حتى نشأت الدولة الصفوية، فكان انتصار الشاه إسماعيل في موقعة شرور سنة 907 بعد قرن كامل من وفاة تيمور فاتحة حروب مظفرة مدّت سلطان إسماعيل إلى أفغانستان ونهر جيحون، فشمل هذه البلاد سلطان واحد.
ولقد كان لبني تيمور على ما كان بينهم من حروب، وعلى قصر زمان كثير منهم، أثر محمود في الفنون والآداب، وقد نبغ منهم جماعة من ذوي الآثار الواضحة في ذلك العصر مثل شاه رخ وألوغ بك، والسلطان أبي سعيد، والسلطان حسين مرزا.
- 2 -
ونتكلم الآن في سيرة عبقري من سلالة تيمور تقلبت به غير الدهر بين هزيمة وانتصار، ونجاح وخيبة، فكشفت عن خلال من الهمة والطموح والشجاعة والصبر، انتهت به إلى إقامة دولة من اعظم الدول التي عرفها تاريخ الإسلام، وبقيت سيرته في صفحات التاريخ عبرة لذوي الهمم، ومثلاً لأصحاب النفوس الكبيرة.
ذلكم محمد ظهير الدين بابر الذي يصل نسبه بتيمور أربعة آباء: بابر بن عمر بن أبي سعيد بن محمد بن مير انشاه بن ييمور.
ويمتاز هذا الرجل العظيم بأنه ترك للتاريخ سيرته مفصلة بينة مصورة صورة صادقة طبيعية بعيدة من التكلف والرياء في كتابه (بابر نامه) الذي سنذكره من بعد، ولست أعرف بين العظماء رجلاً كتب سيرته بيده في بيان مسهب ممتع طبيعي صريح كما فعل بابر.
- 3 -
كان أبوه عمر شيخ أميراً على فرغانة تولاها سنة 870 من قبل أبيه السلطان أبي سعيد؛