مجله الرساله (صفحة 27582)

لو كتب في هذه المسألة

ولكني أود أن ألفت النظر إلى أمرين رئيسيين في هذا الموضوع: الأول أن ابن بطوطة أدرك ابن تيمية، والثاني: الشك في صحة رواية ابن بطوطة

أما إدراك ابن بطوطة لابن تيمية فأمر يكاد لا يحتاج إلى دليل، وحسبنا أن نعلم أن بطوطة ولد سنة (703هـ) وتوفي سنة (779هـ)، وأنه جاء إلى دمشق كما ذكر في رحلته (طبع المطبعة الأزهرية ج1 ص50 سنة 726هـ) وهي السنة التي سجن فيها ابن تيمية سجنه الأخير في القلعة إلى أن مات، وكانت وفاته رحمه الله عام (728) ثمان وعشرين وسبعمائة كما هو ثابت في جميع تراجم ابن تيمية نذكر منها (العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن عبد الهادي) (مطبعة حجازي بالقاهرة سنة 1938 ص369) وكما هو بارز حتى الآن منقوشاً على قبره خلف بناء الجامعة السورية في مقبرة الصوفية المندرسة التي لم يبق منها غير ضريحه

أما الشك في صحة رواية ابن بطوطة فمصدره ما يأتي:

ذكر ابن بطوطه في رحلته (المطبعة الأزهرية ج1 ص50) أنه وصل إلى دمشق (يوم الخميس التاسع من شهر رمضان سنة ست وعشرين وسبعمائة، ثم سرد بعد ذلك (ص58) روايته التي نحن بصددها، وأضاف: إن ملك الأمراء سيف الدين تنكيز كتب إلى السلطان الملك الناصر في أمر ابن تيمية (بأمور منكرة) فورد أمر السلطان من القاهرة (بسجنه بالقلعة فسجن حتى مات) في حين أن سائر المظان والمصادر ومنها (العقود الدرية) (ص 329) و (دائرة المعارف) التي تعتمد بحقيقتها على تراجم وكتب متعددة تعين يوم الاثنين السادس من شعبان عام ستة وعشرين وسبعمائة، تاريخاً لسجن الإمام تقي الدين للمرة الأخيرة التي مات فيها

ينتج مما تقدم أن ابن بطوطة، إذ حطَّ رحاله بالشرابشية (المدرسة المالكية) في دمشق، كان شيخ الإسلام رهن سجن القلعة يقضي أيامه ولياليه في التأليف والعبادة

فلابد لنا بعد هذا من الحكم بعدم صحة رواية الرحالة المغربي ما لم يثبت لدينا خطأ ابن عبد الهادي، وسائر المؤرخين والمؤلفين (كابن شاكر الكتبي في فوات الوفيات والصدقي في طبقاته، وابن الوردي في تاريخه) الذين استندت إلى أقوالهم دائرة المعارف الإسلامية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015