والأخير من تكملة كتابه (تاريخ الآداب العربية) والذي فيه يتناول مظاهر الأدب المصري شعراً ونثراً. هذا إلى جانب المحاضرة التي ألقاها في مؤتمر المستشرقين المنعقد في بروكسل في السنة الماضية والذي عرضت له الرسالة في حينه. وقد لفت الأستاذ بروكملن في محاضرته هذه، أنظار المستشرقين إلى ضرورة نقد كتب الأدب العربي الحديث. وقد ظهرت بوادر ذلك في عدد فبراير سنة 1939 من مجلة المشرقيات وهي أهم مجلة ألمانية موقوفة على النقد في دوائر الاستشراق حيث نشر المستشرق المعروف هاج ببرلين نقداً لمسرحية الدكتور بشر فارس (مفرق الطريق). بدأ المستشرق نقده بذكر مؤلفات الدكتور بشر فارس في الأدب والعلم وأشار إلى مكانتها، ثم تطرق إلى المسرحية فبين الفكرة البعيدة المرمى التي تدور عليها المسرحية من الناحية الفلسفية، ووصف الطريقة الرمزية في التعبير عن العواطف والحركات على المسرح، فقال إن الحوار في المسرحية بين النطق والإشارة مما يتطلب من المخرج مقدرة ويترك له مجال الافتنان. أم لغة المسرحية فيراها الناقد منتقاة. وقد يتفق للقارئ أن يقف أحياناً لتفهم تعبير جديد في الأدب العربي. وهنا يرى المستشرق هاج أن النقاد عندنا أثبتوا قدر هذه المسرحية على اختلاف مناحيهم: فذكر أنها نالت من الناحية الأدبية تقدير الدكتور زكي محمد حسن (أهرامِ 25 أبريل سنة 1938) ومن الناحية الفنية اعتراف الأستاذ زكي طليمات بأنها حدث جديد (الرسالة عدد 250 في 18 أبريل سنة 1938) ثم ذكر رأي الناقد ميخائيل نعيمة بأنها كزي جديد في الأدب العربي (الرسالة عدد 251 في 25 أبريل سنة 1938) ثم عقب المستشرق هاج بأن هذه المسرحية تمهد طريق الاستحداث الأدبي في العالم العربي كما وقع ذلك في الأدب التركي. ثم يختم المستشرق بهذا السؤال: هل يقدر المؤلف أن يصل إلى الغاية التي يقصد إليها؟ فجاء جوابه أن هذه المسرحية إن لم يتفق لها أن تحقق الغاية في المستقبل فإنها قوبلت بارتياح عظيم. وزاد على ذلك أن المؤلف لا يشك في أنه قد حان الزمن الذي فيه أصبح الإيجاز والإيماء في الإنشاء الرفيع أحب إلى القارئ العربي المهذب من التطويل والتذييل
م. ك