مجله الرساله (صفحة 24751)

سلاميس، وليناضل فوق صفحة البحر في تلك المجزرة المروعة التي ذابت فيها جيوش كسرى وحطمت أساطيله وفر أثناءها إلى بلاده بعد أن شهد الهزيمة بعينيه، فسلمت اليونان وسلمت أوربا إلى الأبد من التبربر

وقد اشترك بعد ذلك في حروب تراقية عام 476 كما تدل عليه جذاذات من ثلاثيته المفقودة المسماة (ليكورجوس)

وفي سنة 475 نظم مأساته (نساء إطنة) وكان إذا ذاك في سفارة سياسية إلى سيراكوزا

وقد رحل إلى سيراكوزا مرة أخرى، ونظم فيها درامته (الفرس) التي حازت الجائزة الأولى عام 472.

وفي سنة 468 ظهر منافسه العظيم سوفو كليس في ميدان المسرح فجأة ففاز على إسخيلوس بالجائزة الأولى، وكان لفوزه أثراً بليغ في نفس إسخيلوس لم يمحه أن فاز (إسخيلوس) بعد ذاك بجوائز عدة كان يسيل لها لعاب الشاعر الشاب

وقد عاش إسخيلوس عشر سنوات لا ينسى هزيمته سنة 486 حتى أن بعض المؤرخين يظن أنه هاجر إلى صقلية بسبب ذلك، ويقول بعضهم إنه كان كلما ذكر تلك الهزيمة الأدبية دمعت عيناه ونقم على الشاعر الشاب.

وفي عام 456 توفي فجأة في مهاجره ودفنت رفاته في جيلا.

هذه هي أهم الوقائع في تاريخ حياة إسخيلوس. ولا نستطيع أن نتناول أدبه بالنقد أو التحليل قبل أن نقف قليلاً عند هذه الوقائع نستخلص منها ما ينفعنا في دراسته وما يكشف لنا عن نوحي نبوغه

وليس من شك في أن نشأة إسخيلوس الأولى وبيئته كان لهما أثر بعيد في أدبه. بيد أن هذه النشأة وتلك البيئة ليسا شيئاً إذا قيسا إلى الأثر الكبير الصارم الحاسم الذي تركه في نفسه خوض غمار تلك الحروب الدامية العنيفة التي شنتها على بلاده فارس، والتي كانت حرباً بين جيش جرار كثيف يقدرون عدده بألف ألف أو يزيد، وبين أمة بأكملها قليلة العدد شديدة البأس ساهمت جميعاً، رجالا ونساء وأطفالاً، في آلام الحرب حتى لقد هجرت أثينا إلى إحدى جزائر البحر، وقام رجالها في السفائن يصارعون المنون ويغالبون الموت. ويهزءون بجبروت إجزرسيس، حتى كسروا شوكته وظهروا على أساطيله وأطعموا السمك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015