لَلأستاذ محمود حسن إسماعيل
حَمامَةَ الْغَار. . . أُيُّ لْحَن ... مِنْ جَانِبِ اللهِ عَبْقَرِيْ!
أُلْهِمْتِ دُنْيَاهُ مِنْ صَبَاحٍ ... في سِدْرَةِ الْمنُتْهَىَ وَضِيِّ
وَمِنْ عِطارِ الْجِنَان بَلْ مِنْ ... سُكُوِنهِ الطَّاهِرِ الشَّذِيِّ
وَمِنْ نَشِيدٍ عَلَى رُبَاهُ ... مُعَطَّرِ اللَّحْنِ سَرمَدِيِّ
يَفُوحُ مِنْ زَهْرَةٍ، وَيَزْكُو ... مِنْ جَدْوَلٍ تَحْتَهاَ سَرِيِّ
رَنَّتْ بِأَصْدَائِهِ، وَغَنَّتْ ... مَلاَحِمُ المُلْهَمِ الشَّجِيِّ
وَرَفْرَفَتْ فَوْقَهُ صَلاَةٌ ... عَزَّتْ هُدَى الْعَابِدِ التَّقِيِّ. . .
قَبَسْتِ أَنْغَامَكِ الشَّوَادِي ... مِنْ فجْرِه الرَّائِعِ السَّنِيِّ
وَمِنْ مَجَالِيهِ في الرَّوابِي ... وَنَشْوَة الْماءِ في الْقُنِيِّ
وَسَكرَةِ الْهادِلِ المُغَنِّي ... وَخَشْعَةِ السَّوْسَن النَّدِيِّ
وَمِنْ دَوَاليهِ حِينَ تُغْفِي ... والطَّيْرُ نَعْسَانُ في الْعشِيِّ
كَأَنْهَا وَهْوَ فِي ذُراهَا ... بِالُخْلْدِ تَهْوِيَمةُ الْخَلِيِّ. . .
وَجِئْتِ مِنْ جَنَّةِ الأَعَالِي ... لِشاَطِئٍ أَقْدَسٍ عَلِيِّ
عَلَى جَنَاحَيْكِ للِبْرَاَيَا ... في اْلأَرْضِ آمَالُ كُلِّ حَيِّ
أَقَمْتِ بِالْغَارِ أَيَّ عُشٍّ ... مُشَعْشَعِ النُورِ كَوْكَبِيِّ
غُصُونُهُ الْبِيضُ مِنْ شُعَاعٍ ... بِمُعْجِزَاتِ السَّنَا جَنِيِّ
يَدُورُ بِالْحقِّ أَيْنَ دَارَتْ ... مَحاجِرُ الْبَاطِلِ الْعَتِيِّ
وَيَنْفُثُ السَّحْرَ أَيْنَ لَفَّتْ ... لِلْكُفْرِ عَيْنانِ مِنْ غَوِيِّ
ظَلَلْتِ وَالْوحْيُ مُسْتَكنٌّ ... مِنْ صَوْلَةِ الْفَاجِرِ الٍقَوِيِّ
تُلْقِينَ مِنْ وَكْرِكِ الْمُعَلّى ... تَرْنِيمةَ الْوَادِعِ الرَّضِيِّ
كَأَنّمَا عِشْتِ مِنْ زَمَانِ ... في ذلِكَ الْمَسْبَحِ الْهَنِيِّ
خَبَأْتِ وَالْعَنْكَبُوتَ دُنْيَا ... لِلْحَقِّ في عالَمِ خَفِيِّ
خُيُوطُهُ الْوَاهِيَاتُ أَضْحَتْ ... حُصُونَ مُسْتَعْصِمِ قَوِيِّ