للأستاذ عبد الله كنون الحسني
- 2 -
ولم يصل الاشتغال ببقية العلوم الإسلامية بالقرويين إلى درجة الاشتغال بالفقه ولكنه لم يقصر عنها كثيراً؛ فكانت علوم الحديث والتفسير والأصول مما لم ينقطع تدريسه في الكلية في أي عصر حتى العصور المتأخرة. حين كان بعض هذه العلوم في بلاد أخرى لا يقرأ إلا للتبرك بسرده. وكانت هذه الدراسة مجال البحث والاستنتاج وفرصة المحاضرات القيمة في التربية والتهذيب، وحسبك أن تقرأ وصف مجلس من مجالس العلامة أبي القاسم العبدوسي الذي قضى التونسيون العجب منه في ذلك الوقت وأن تعلم أن ابن الصباغ أحد رجال هذه الجامعة أملى علي حديث: يا أبا عمير ما فعل النفير 400 فائدة
ومن ثبت أسماء النابهين في هذه العلوم وأسماء مؤلفاتهم تدرك مبلغ القيام الذي كان لأهل القرويين عليها. ونحن نذكر بعض البعض ممن نعرفهم ونعرف انقطاعهم في الكلية الذي تنقطع دونه الأطماع، ولا يمنعنا من التبسط في شرح ذلك إلا إرادة الإيجاز وخوف الإملال وهؤلاء مثل العالم الصوفي الجامع علي ابن حرزهم المتوفى سنة 550 والمتكلم أبي بكر السلالجي صاحب البرهانية في علوم الاعتقاد، كان يعد في طبقة أبي المعالي الجويني؛ توفى سنة 564، والمفسر المحدث ابن عبد الجليل القصري المتوفى سنة 615، والمفسر الأصولي أبي عبد الله المزدغي المتوفى سنة 655 والمحدث الرواية ابن رشيد السبتي المتوفى سنة 692، والعالم الصوفي الجامع الشيخ زروق المتوفى سنة 899، والحافظ أحمد بن يوسف الفاسي المتوفى سنة 1021، والحافظ أبي العلاء العراقي المتوفى سنة 1183 والمفسر المتكلم الشيخ الطيب ابن كيران المتوفى سنة 1227
ولا ننس أن ننبه إلى ما كان لعلوم القراآت من شأن كبير في الكلية فقد كانت العناية بها شديدة في كل عصر، وكان يتخصص فيها كثير من العلماء فضلا عن مشاركة جمهورهم فيها، لأن أوائلها كانت تتلقى في الكتاتيب القرآنية التي ما كان يتولاها إلا كبار الأساتذة المتحققين بتلك العلوم وغيرها. تأتي هي الثانية بعد الفقه في برنامج العلوم التي كانت تدرس في القرويين وفي جميع المغرب. ويكفيك أنه كان لطلبتها مدرسة خاصة بهم هي