أما موسيقاه الخاصة بالآلات الوترية فانه أظهر في بعضها نبوغاً مدهشاً، ولو طال أجله لارتفع إلى ذروة الفن كبيتهوفن. وقد ابتدأ بكتب الكواتوور وهو في الرابعة عشرة وله منها عشرون؛ وكتب كثيراً من الثريو والكنتيت يعد بعضها من خير ما جادت به القرائح الجبارة، ولاسيما ما كتبه منها سنة 1824 وسنة 1826 وهما الكواتوور والذي من مقام سي مينور
ولقد ترك لنا شوبرت ثمانية سانفونيات الأولى كتبها وهو في السادسة عشرة وأهمها اثنتان التي من مقام أي دو سنة 1828 أو السنة التي مات فيها وقد هجرت في أول الأمر لصعوبة توقيعها ثم عثر عليها شومان في أوراق فردينان شوبرت وكان من المعجبين به. وقد أغدق عليها شومان من أنواع التقريظ ما شاءت له حماسته وقال أنها تكاد توضع في صف سانفوني بيتهوفن
الموسيقى المسرحية
كتب شوبرت ثمانية عشر مؤلفا للمسرح منها اثنان مفقودان، وواحد لم يتم، وأربعة منها أوبريت، واثنان موسيقى للمسرح وفيها كورس وفاتحات وانتراكت وميلودرام ورقص ويبقى بعد ذلك خمس أوبرات بالمعنى الصحيح، أهمها سنة 1822 وفيرا براس سنة 1823 وكل مهما ذات ثلاثة فصول. يتساءل الناس لمَ لمْ ينجح شيء من مؤلفات شوبرت المسرحية؟ لأنه لم يوهب الذوق المسرحي، وقد دهش منه ليزت إذ قال: (إن الذوق الأدبي الذي برهن عليه منذ صغره في اختياره لمتون الليدر قد فارقه وخانه في متون الأوبرات إذ كان يظهر له الغث والسخيف قيما حسنا، وكان يكتب له متون أوبيراته أصدقاؤه الذين لم يضربوا بسهم وافر في البيان ولهذه الاعتبارات لم تعش موسيقاه المسرحية
لقد نبغ شوبرت في موسيقى الغناء حتى صاغها بمعنى عميق من التعبير الصوتي؛ وقد كتب نحو خمسين نشيداً (كور) لأصوات الرجال وعشرين لأصوات مختلفة، ولكنه قبل كل شيء صاحب الصولجان في الليدر التي سبكها في نحو مائة شكل من التعبير إذ تناول جميع أنواع الشعر فلحنها على جميع أنواع الأوزان إذ عالج كل ما وقع في يده من الشعر الوجداني والقصص والدرام؛ ورغماً من مرونة عبقريته وسهولتها كان يسود على موسيقاه تعبيره الشخصي إذ كان الرجل الحساس في القرن الثامن عشر