وعرف الترك المقهى من العرب، وظهر في قسطنطينية أول مقهى في سنة 1554؛ أما في مصر فقد عرفت المقاهي قبل ذلك بنحو نصف قرن.
ومضى قرن آخر قبل أن ذاعت المقاهي في أوربا؛ وفي سنة 1645 ظهرت في البندقية أول دار من هذا النوع؛ ثم ظهرت في لندن وأكسفورد بعد ذلك بقليل؛ وكانت القهوة فيها على الطريقة الشرقية. ولم تلبث المقاهي أن ذاعت في إنكلترا بسرعة. ولبثت المقاهي ممنوعة في روما حتى أوائل القرن الثامن عشر. وظهرت المقاهي في فرنسا في أوائل القرن السابع عشر، وافتتحت في باريس سنة 1689 دار أنيقة سميت قهوة بروكوب؛ وكان الفيلسوف فولتير من روادها. فذاع من بعده ارتياد الأدباء للمقهى؛ ولم يظهر المقهى في برلين إلا في أوائل القرن الثامن عشر.
وكان المقهى في تلك العصور مركزاً للمقابلات والسمر، ولم يعرف الموسيقى إلا في أواسط القرن الثامن عشر؛ إذ افتتح في برلين أول مقهى موسيقي؛ وان هذا النوع من المقهى قد عرف قبل ذلك في باريس؛ وكانت الفرقة الموسيقية التي تختار للعزف فيه تؤلف عادة من بعض الموسيقين العميان؛ وكانت المقاهي تسمى في فينا بالمنتديات الفضية لأن الموائد والكراسي والمشاجب كانت من معدن يطلى بالفضة. وفي سنة 1790 ظهر في لندن مقهى من نوع خاص لا يدخله سوى السيدات؛ ويتولى الخدمة فيه سيدات. كذلك ظهر في لندن أول مقهى وضعت فيه مائدة البليارد، وكانت عند ظهورها عجيبة من العجائب.
وتطورت المقاهي بعد ذلك. وتفنن أصحابها في تجميلها وتأثيثها وتزويدها بمختلف الملاهي من الموسيقى والغناء وورق اللعب والرقص وغيرها، وبلغت ما بلغت في عصرنا من الأناقة وحسن التنظيم؛ وكثرة التنوع والافتنان في كل ما يجلب المسرة والمتاع إلى نفوس الزائرين، وأضحت منتديات للسمر والسياسة والأدب.
حرية الفكر في مؤتمر القلم الدولي
قرأنا في البريد الفرنسي الأخير أخبار مؤتمر القلم الدولي الذي عقد في باريس في أواخر شهر يونيه. وسبق أن أشارت إليه (الرسالة) وذكرت أن مصر ستمثل فيه على يد وفد من أعضاء نادي القلم المصري برياسة الدكتور طه حسين عميد كلية الآداب؛ وقد شهد المؤتمر مندوبو خمسين دولة وتولى افتتاحه وزير المعارف؛ وكانت أعظم ظاهرة في جلساته