للأستاذ رينولد نيكلسون المستشرق الإنجليزي
المدخل لتاريخ العرب
- 3 -
هـ - من الفتح المغولي إلى اليوم (من 1258 - )
انتهى عصر الخلافة بسقوط بغداد عام 1258 في يد المغول الرحل الذين كانوا تحت زعامة هولاكو. وما كادوا يتقدمون إلى الأمام حتى صدهم المماليك المصريون وردوهم على أعقابهم إلى فارس التي اعتنقوا فيها الإسلام بعد زهاء خمسين عاماً، أما الخانات خلفاء هولاكو فقد حكموا في فارس.
ثم أغار على آسيا الغربية فريق من البرابرة بقيادة تيمور واندفعوا كالأتي المزبد، ونشروا الفساد والفوضى في ربوعها (1380 - 1405 م) وإذ ذاك تفككت رابطة الإسلام من الناحية السياسية. وفي هذه الفوضى الضاربة بأجرانها نشأت ثلاث إمبراطوريات إسلامية. ففي سنة 1358 عبر الأتراك العثمانيون البسفور ودخلوا القسطنطينية عام 1453، حتى إذا كان عام 1517 دخلت في حوزتهم سورية ومصر وبلاد العرب وأصبحت فارس مملكة مستقلة تحت حكم الصفويين (1502 - 1736) بينما أسس بابر وهو من ولد تيمور - إمبراطورية التتار العظمة والهند، وظلت قوية الشوكة تحت خلفائه وخاصة أكبر وأورنجزيت (1525 - 1707).
أما الحوادث السياسية التي أجملناها آنفاً فسنعالجها بالتفصيل في صلب هذا الكتاب؛ على حين أن غيرها لن يكون نصيبه منا سوى الإشارة الموجزة والنظرة العابرة. ولما كانت الآراء التي انتشرت في الأدب العربي شديدة الارتباط بتاريخ الناس ولا سبيل إلى فهمها بعيدا عن الحوادث الخارجية التي نشأت فيها، فقد وجدت نفسي مضطراً إلى الإسهاب في بعض النواحي التاريخية حتى يتبين القارئ الحقائق المهمة من وجهة نظرنا الخاصة. كما سيرى أن ليس من إطناب في الكلام عن العصور المتقدمة السابقة (500 - 750م) خاصة إذا علم أن هذه تعد محور التاريخ العربي ومركزه. وقد بلغت الحضارة الإسلامية أقصى