مجله الرساله (صفحة 14255)

ففي جميع الأقطار العربية نجد شعراء لا عداد لهم. لكن تاريخ الشعر في القرن التاسع عشر والقرن العشرين ليس إلا تاريخ تجديد شباب الشعر القديم بطرق معدلة كل التعديل. فبينما كان الشعراء في الماضي يقلدون شعر عصور الانحطاط نراهم الآن ينسجون على منوال المتنبي والشعراء العباسيين وأحياناً شعراء الجاهلية. وقد لعب ناصيف اليازجي (1800 - 1876) دوراً هاماً في سوريا، إذ ظل محافظاً دقيقاً، لكنه كان مالكاً لناصية اللغة. وظهرت بوادر الأثر الأوربي في دوائر أخرى ظهوراً واضحاً، فرأينا فرنسيس مراش (1836 - 1873) الشاعر الحلبي، يحاول التعبير عن أفكار فلسفية اجتماعية في قصائد يسودها روح التشاؤم. أما في مصر فقد جاء تجديد شباب الشعر العربي متأخراً نوعاً، فاستهل الحركة محمود سامي البارودي (1839 - 1904) وإسماعيل صبري (1854 - 1923)، وقصائد كل منهما تطابق كل المطابقة أسلوب الشعر العباسي أو القديم، بل إنهما كانا يشيران أحياناً بوضوح إلى القصائد الأصلية المعارضة، ونلاحظ أن الحياة تدب بقوة في مؤلفات الشعراء المصريين المتعاقبين أمثال شوقي (1868 - 1932)، ومحمد حافظ إبراهيم (1871 - 1932).

قبل الحرب العظمى كان شوقي شاعراً بالمعية (شاعر الأمير) وكان من نوع ممتاز، قديراً في صناعة اللغة وصياغة الألفاظ، لكنه حصر شعره في دائرة الأسلوب التقليدي. وبعد الهدنة أخذت شهرته تتطاير في أنحاء العالم العربي وأطلق عليه لقب (أمير الشعراء). وقد حاول شوقي في السنوات الأخيرة أن يخلق المأساة (التراجيدي) في الأدب العربي. أما حافظ إبراهيم فهو من أبناء الشعب ولذا انحصر ميله في المواضيع السياسية والاجتماعية مع النسج على منوال المتقدمين من وجهة الأسلوب. وثالث الشعراء المصريين المعروفين هو خليل مطران، وقد ولد ببعلبك بسوريا حوالي سنة 1871 وأبدى نبوغاً ممتازاً في المصنفات الغنائية والروائية ذات الأسلوب الطليق الحر والمنوع (خصوصاً في القافية والوزن). وهنالك كتاب من الجيل الجديد نشر دواوين طلية كعباس محمود العقاد المولود في سنة 1889، وإبراهيم عبد القادر المازني المولود في سنة 1877، وأحمد محرم المولود في سنة 1877، وأحمد رامي المولود في سنة 1892. ومصطفى صادق الرافعي المولود في سنة 1880، وأحمد نسيم المولود في سنة 1878. وفي الأيام الأخيرة أظهر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015