أضافني رب بيت من تلك البيوت، فكنت أتوقع أن أوي إلى كوخ صغير أو قاعة وسط تلك المطاوي الحالكة، ثم دخلنا البيت من كوة صغيرة وأشد ما كانت دهشتي عندما رأيتني وسط بيت مشيد البناء طلي بالملاط ورصف بالبلاط على نحو ما نقطن هنا في مصر.
والعيون والينابيع منثورة في الواحات في كثرة لا يكاد يحصيها العد حتى قيل أن في الواحة الخارجة وحدها ثمانمائة عين بين صغير وكبير، وهذا الماء الغزير يتفجر من طبقة من الخراسان الرملي على عمق يتراوح بين 100و150مترا والواحات في وهدة متوسط ارتفاعها عن سطح البحر يزيد على خمسين مترا وتحف بها النجاد الجيرية والطباشيرية من جميع الجوانبتعلو في مدرجات أعلاها فوق أربعمائة متر وبخاصة ناحية الغروب وزرعتلك الواحة 300ك م في الطول وبين 30و80 في العرض. ومن صدوع ذاك الصخرالجيرى تتفجر العيون العديدة، وغالب العيون كانت مستغلة في عهد الرومان فكانوا يحفرون حولالعين متسعا إلى عمق كبير ويضعون منقور الخشبوجذوع النخل في شكل الأنابيب لحصر الماء، ثم تطمر الحفرة، ويستدل القوم على وجود العيون كلما رأوا منخفضا رطبا يبدو نزر الماء فيه، وتجاوره ربوة.