لنفسها عهداً جديداً في العالم، ولتنل قسطها من السيادة في الأرض)
واشترك موسوليني في الحرب ورجع بأربع وعشرين رصاصة في جسده؛ وفي سنة 1917 ألقى الطليان سلاحهم وعادت الجيوش مهزومة ساخطة، وضربت الأزمة الاقتصادية بجرانها على كل الطبقات، ولاحت في الأفق معالم الشيوعية الحمراء، وشرعت موسكو تبعث رسلها وأموالها إلى إيطاليا، وابتدأت القلاقل والمجازر في كل المدن الإيطالية على مسمع من الحكومة
ولما وجد موسوليني أن رجال الحكومة خروا صما وعمياناً أمام الطوفان، هب ليلقاه بجسمه وبصحيفته، وبحزب جديد؛ فلم تمض شهور ستة حتى كان له من الأتباع خمسة وعشرون ألفا
وفي 3 ديسمبر سنة 1919 أعلن الشيوعيون الإضراب العام وفرض القوم سلطانهم في كل مكان بمذابح مروعة، يقشعر من هولها الإنسان، والحكومة لا تتحرك، وكأن الأقاليم لا تُسمع روما صرخاتها الموجعة! ثم أخذ العمال المهندسين رهائن في 29 أغسطس سنة 1920، واحتلوا المعامل، وأطلقوا الرصاص على الجيش ونهبوا مخازن السلاح. . . وهوت العملة، ولم يبق للنقد سعر، وتساءل الناس: (إلى أي طريق نحن مسوقون؟)
كل ذلك والحكومة كأنها ليست في روما ولا في أي مكان.
عندئذ نظم موسوليني رجاله ليحاربوا الثوار حرب عصابات حيثما ثقفوهم، فأعادوا الأمن، وطمأنوا الناس، وخفق باسمهم كل فؤاد مروع؛ وأخذ ينضوي تحت لوائه الأب الهلوع، والأم المثكال. وفي سنة 1921 دخل الانتخابات وخرج منها ظافراً بخمسة وثلاثين نائباً، كان يتزعمهم في البرلمان كأمهر ما يتزعم السياسي العتيد؛ ثم عقد مع الاشتراكيين (هدنة!) ليدبر لهم مقتلاً. . . وفي أكتوبر عقد المؤتمر الفاشستي من 2200 شعبة تمثل 310 آلاف، وتلا الرجل برنامجه: (السلام في الداخل والقوة في الخارج) فصفقت له الأمة بجموعها
وفي سنة 1922 كانت الحكومة تتساقط كقصور الورق، وعجز الملك عن تأليف وزارات استقرار، وكان الرعب الشيوعي يتفاقم، فلم يتردد الفاشزم عن احتلال مدائن بأسرها لتطهيرها من الطاعون الأحمر؛ وأعلن الشيوعيون الإضراب؛ وأعلن موسوليني تجنيد