مجله الحقائق (صفحة 1071)

والله لو أن في بلاد الإسلام مرشدين كما ذكرنا لجندوا في هذه الحرب الماضية جيشاً عرمرماً من المتطوعين يسير متزيناً بالتهليل والتكبير لا يهدأ له بال ولا يقر له قرار حتى يطحن جيوش الأعداء ويدوسهم تحت سنابك الخيل ويرفع الرايات الإسلامية والأعلام المحمدية فوق عواصم ملكهم كما فعلت أسلافه غير مرة أولئك:

قوم لقوم فيهم أود العلا ... والدين أصبح أيد الأركان

قد حالفوا سهر العيون وخالفوا ... أمر الهوى في طاعة الرحمن

أقران حرب كلما اقترنوا لدى اله ... يجاء تحسبهم ليوث قران

لبسوا سوابغهم لأجل سلامة ... الأعراض لا لسلامة الأبدان

وتحملوا طعن الرماح لأنهم ... لا يحملون مطاعن الشنأن

أهل الحمية لا تزال بدورهم ... تحمي الشموس بأنجم الخرصان

وهنا ربما اعترض علينا أيضاً بعض من بغض الدين وهجر مكارم الأخلاق وكان من الأفاكين المرجفين الذين يعتقدون بأن الدين هو العقبة الكؤود في سبيل الرق. وقال أن ما تقدم يشتم منه رائحة التفرقة بين العناصر ونحن اليوم أحوج إلى الوئام فنقول له أن عصرنا عصر الحرية والإخاء والمساواة أما الحرية فهي استقلال العقل والفكر والإرادة وانطلاق اللسان وهي أقسام تحتاج إلى مقالات طويلة إضافية الذيل نرجئها إلى عدد آخر ونكتفي هنا بذكر قسمين: الأول: حرية عمومية وهي تكافؤ الأمة بالحق وتكافلها على قيام الشرائع والقوانين.

والثاني: حرية شخصية وهي أمن الإنسان على نفسه وعرضه وماله وتمتعه بسائر حقوقه الشخصية التي تخولها له طبيعة الاجتماع والحرية حق يقابله واجب وهو المسؤولية.

لا كما يزعم خراصوا هذا العصر من أن الحرية غ \ هي تعاطي الإنسان جميع ما تسوله له النفس الأمارة بالسوء من زنا ولواط وشرب خمر واهتضام حقوق المغدورين والمظلومين وترك الدين واستباحة الأعراض وغير ذلك مما يسأل فاعله شرعاً وقانوناً. وأما الإخاء فهو قسمان. إخاء ديني لا دخل لأبناء مذهب فيه مع أبناء مذهب آخر. وإخاء وطني تشترك فيه سائر الأفراد لأن المنفعة والمضرة واحدة.

وأما المساواة فهي كلمة عامة تجمع تحتها كافة العناصر العثمانية على اختلاف مذاهبهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015