إن فرعون يزعم أن أتباعه هم الذين يحولون بينه وبين قتل موسى، ولولاهم لقتله، فهو يقول لهم: {ذَرُونِي} أي اتركوني؛ والحق أن أحدا لم يمنعه، ولم يكن في رعيته من يستطيع أن يمنعه أو أن يحول بينه وبين تنفيذ ما يريد، ولكن بهت أمام تحدي الإيمان وصمود المؤمنين.

والذي يبدو من سياق الآيات أن فرعون هدد ولم ينفذ، وتوعد وتوقف، حيث لم تشر الآيات إلى مصير السحرة الذين آمنوا برب هارون موسى.

والذي يظهر كذلك أن فرعون انهزم نفسيا أمام تحدي السحرة واستهانتهم بما توعدهم به، فلم يقدر على أكثر من القول.

وهكذا تتكرر الصورة، ولا تزال تتكرر حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

وهكذا يقف الدعاة في وجه الظلم والطغيان، ويعلنون في ميدان الدعوة إيمانهم الحق، وتحديهم للباطل، وصبرهم على الأذى في سبيل الله حتى يتحقق لهم النصر.

الدعوة تواجه التيارات المضادة:

دأبت مدرسة الدعوة على تخريج دعاة مسلحين بسلاحين مهمين في حياة الدعاة وهما: الإيمان والعلم.

والإيمان سلاح لا يغني عنه سلاح مهما كان، إذ هو الدرع الواقي من هجمات الأعداء، وكنز لا ينفد في إمداد الدعاة بالصبر على الأذى، والثقة في الله، والصمود في وجه الطغاة.

أما العلم فهو الفقه الدقيق في أهداف الدعوة ووسائلها، وكيفية تبليغها والحرص على نشرها، والفقه في الدعوة بهذا المفهوم أمر واجب على الدعاة.

فالدعاة مهما كانت جرأتهم في الحق، وقدرتهم على المواجهة، وصبرهم على الأذى، وصمودهم في ميدان الدعوة؛ فإن ذلك لا يسد مسد الفقه في الدعوة والعلم بدقائقها وطرق تبليغها، ولئن كانت هذه الأمور ضرورية للدعاة فإن الفقه في الدعوة من أهم الضروريات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015