ثانيا: علل الشيخ ابن محمود لإكثار العلماء المتقدمين من أحاديث المهدي المتنوعة والمتضاربة والمختلفة على حد قوله بتعليلين أحدهما ما وصفهم به من أنهم يغلب عليهم حسن الظن بمن يحدثهم وأنهم يستبعدون تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مؤمن بالله. والثاني أن من عادتهم التساهل فيما يرد من أحاديث أشراط الساعة كأحاديث المهدي والدجال ويأجوج ومأجوج وأن ما كان من هذا القبيل لا يتكلفون في نقدها ولا إخضاعها للتصحيح ولا للتمحيص لعلمهم أنها أخبار آخرة متأخرة، وقد أجبت عما تضمنه التعليل الأخير من أن العلماء لا يتكلفون في نقد الأخبار المتعلقة بأشراط الساعة ولا إخضاعها للتصحيح ولا للتمحيص وذلك في رقم 35 إذ نقلت على سبيل التمثيل كلام جماعة من العلماء النقاد في تصحيح بعض الأحاديث الواردة في المهدي.

أما وصف الشيخ ابن محمود العلماء المتقدمين بأنه يغلب عليهم حسن الظن بمن يحدثهم وأنهم يستبعدون تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مؤمن بالله وأنهم لذلك أكثروا من أحاديث المهدي المتنوعة والمتضاربة والمختلفة فهو وصف لامز لا يليق بسلف الأمة ونقلة السنة الذين حمى الله بهم دينه وأقام شريعته فإن الله قد منحهم من الذكاء والفطنة والتثبت واليقظة ما جعلهم به أهلا لحفظ هذا الدين وأوعية لسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فقد روى ابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل عن أحمد بن سنان قال: "سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: "خصلتان لا يستقيم فيهما حسن الظن الحكم والحديث"يعني لا يستعمل حسن الظن في قبول الرواية عمن ليس بمرضي"انتهى، وروى أيضا عن أبيه عن أبي بكر المعيطي عبيد الله بن أبي وهب قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: "لا يجوز حديث الرجل حتى تجوز شهادته".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015