وكان صلى الله عليه وسلم الأسوة الكريمة والقدوة الحسنة، ومثلا أعلى للمؤمنين الذين صفت أرواحهم، وزكت نفوسهم، وطهرت قلوبهم، واطمأنت أفئدتهم واستنارت ألبابهم، فعاشوا في دنياهم يريدون الله والدار والآخرة، ويجمعون الزاد لدار البقاء برجاء أن يجعلهم مع أطيب رفقة، رفقة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، وقد أمر الله المؤمنين بقوله تبارك وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} .
عاش صلوات الله وسلامه عليه حياته المباركة، فملأ الدنيا نورا ورحمة وخيرا وبركة، وبرا وعدلا، ملأها أمنا وإيمانا، وسلما وإسلاما، وروحا وريحانا، ثم ودعها راحلا إلى الله يلقى وجه الله الكريم بعد أن أدى الأمانة كاملة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق الجهاد.
بلغ الرسالة أعظم ما يكون التبليغ، وأدى الأمانة أكمل ما يكون الأداء وترك الدنيا وفيها نور التوحيد الصادق وعبير الإيمان وكمال الأخلاق، وعطر المحبة، والأخوة في الله ولله، والرحمة الشاملة المباركة في كل ناحية من نواحي الحياة، والعدالة في أسمى صورها ومحاسنها وأكمل معانيها، والأمانة مع أجمل ثمارها وأعظم بركاتها وفوائدها.
وبذلك تمت نعمة الله تبارك وتعالى على المؤمنين فقال عز شأنه في آخر ما نزل من القرآن: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً} .
فارق الرسول صلوات الله وسلامه عليه هذه الدنيا بعد أن بيّن للمسلمين طريق العزة والمجد والسؤدد والسيادة.