وقد عقب القرطبي على هذا القول بقوله: "الظاهر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب موافقة أهل الكتاب بقصد الاستئلاف فلما لم يؤثر فيهم ذلك، أحب مخالفتهم ففرق، وحينئذ يكون الفرق مستحبا، وما جاء في الحديث بلفظ الأمر؛ لا يبعد عن ذلك لأن الأمر يشمل الواجب والمندوب".
كما أن دعوى النسخ ليست واردة إذ لو كان السدل منسوخا لتركه الصحابة رضي الله عنهم أو أكثرهم، لكن المنقول عنهم أن بعضهم كان يفرق والبعض الآخر كان يسدل شعره ولم يعب بعضهم على بعض.
لذلك قال الجمهور باستحباب الفرق اتباعا لما كان عليه صلى الله عليه وسلم في آخر حياته وهو المختار.
وقد حكى الحافظ ابن حجر رأي النووي بقوله: قال النووي: الصحيح جواز السدل والفرق [51] .
ولكن الموجود في المجموع له: قوله: يستحب فرق شعر الرأس لحديث ابن عباس وذكر الحديث [52] .
ولعله أطلق الجواز لما هو أعم من المباح المستوي الطرفين؛ فقد يطلق الجواز على ما يقابل الحرام حيث يراد به ما يشمل المكروه والمندوب والمباح، أو كان يرى أولا الجواز الذي يراد به المباح المستوي الطرفين، ثم تبين له بعد ذلك أنه مستحب فصرح به في المجموع وهو من آخر أعماله رحمه الله.
الخصلة الخامسة عشرة: الختان:
الختان - بكسر الخاء- من الختن وهو موضع القطع من الذكر والأنثى ومنه الحديث: "إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل".
ويطلق الختان على الذكر والأنثى، وقيل الختْن للرجال والخفاض للإناث، ويقال لقطعهما: الإعذار والخفض.
والختانة: صناعة الخاتن، والختن: فعل الخاتن الغلام [53] .
وقد عرفه بعض العلماء بأنه: قطع بعض مخصوص من عضو مخصوص [54] ، والمراد به بالنسبة للرجل: هو قطع الجلدة التي تغطى الحشفة بحيث تنكشف الحشفة كلها، وقيل: يكفي قطع شيء من القلفة وإن قلّ بشرط أن يستوعب القطع تدوير رأسها، وصحح القول الأول [55] .