فقد روى سعد بن عبد الله القمي صاحب المقالات والفرق وهو ثقة عند القوم: "أن السبئية قالوا للذي نعاه: "كذبت يا عدو الله لو جئتنا - والله - بدماغه ضربة فأقمت على قتله سبعين عدلا ما صدقناك ولعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل وإنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملك الأرض". ثم مضوا من يومهم حتى أناخوا بباب علي فاستأذنوا عليه استئذان الواثق بحايته الطامع في الوصول إليه، فقال لهم من حضره من أهله وأصحابه وولده: "سبحان الله، ما علمتم أن أمير المؤمنين قد استشهد؟ " قالوا: "إنا لنعلم أنه لم يقتل ولا يموت حتى يسوق العرب بسيفه كما قادهم بحجته وبرهانه وإنه ليسمع النجوى ويعرف تحت الدثار القيل ويلمع في الظلام كما يلمع السيف الصقيل الحسام" [72] .
وكان من هؤلاء رجل يقال له رشيد الهجري الذي صرح بمعتقده أمام عامر الشعبي قال الشعبي: "دخلت عليه يوما فقال: خرجت حاجا فقلت: لأعهدن بأمير المؤمنين عهدا فأتيت بيت علي عليه السلام فقلت لإنسان: "استأذن لي على أمير المؤمنين"قال: "أوليس قد مات؟ "قلت: "قد مات فيكم والله إنه ليتنفس الآن تنفس الحي"، فقال: "أما إذ عرفت سر آل محمد فادخل"قال: "فدخلت على أمير المؤمنين وأنبأني بأشياء تكون"فقال له الشعبي: "إن كنت كاذبا فلعنك الله"، وبلغ الخبر زيادا ـ فبعث إلى رشيد الهجري فقطع لسانه وصلبه على باب دار عمرو بن حريث" [73] .
وذكر الحافظ الذهبي هذا الخبر في تذكرة الحفاظ وفيه: "فقلت لإنسان: "استأذن لي على سيد المرسلين"، فقال: "هو نائم وهو يظن أني أعني الحسن"، فقلت: "لست أعني الحسن إنما أعني أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين"، قال: "أوليس قد مات؟ "فقلت: "أما والله إنه ليتنفس الآن بنفس حي ويعرف من الدثار الثقيل" [74] . ولذلك كان عامر الشعبي يقول: "ما كذب على أحد في هذه الأمة ما كذب على علي" [75] ، ورشيد هذا قال عنه ابن حبان: كان يؤمن بالرجعة [76] .