قال النوبختي في كتابه الشيعة في ترجمة ابن سبأ: "وكان ممن أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم، وقال إن عليا عليه السلام أمره بذلك، فأخذه علي فسأله عن قوله هذا فأقر به، فأمر بقتله، فصاح الناس عليه "يا أمير المؤمنين أتقتل رجلا يدعو إلى حبكم أهل البيت وإلى ولايتك، والبراءة من أعدائك"فصيره إلى المدائن" [67] .
ابن سبأ يدعو الناس في المدائن لدعوته
إن عبد الله بن سبأ وجد بعد نفيه مكانا مناسبا لبث أفكاره وضلالاته بعد أن ابتعد من سيف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فأخذ ينظم أتباعه وينشر أفكاره بين جيش الإمام المرابط في المدائن، ولما جاءهم خبر استشهاد علي رضي الله عنه كذبه هو وأصحابه، ولنستمع للخبر كما يرويه الخطيب البغدادي بسنده إلى زحر بن قيس الجعفي الذي قال عنه علي رضي الله عنه: "من سره أن ينظر إلى الشهيد الحي فلينظر إلى هذا"- يقول زحر: "بعثني علي على أربعمائة من أهل العراق وأمرنا أن ننزل المدائن رابطة، قال: "فوالله إنا لجلوس عند غروب الشمس على الطريق إذا جاءنا رجل قد أعرق دابته قال فقلنا: "من أين أقبلت؟ "قال: "من الكوفة"، فقلنا: "متى خرجت؟ "قال: "اليوم"، قلنا: "فما الخبر؟ "، قال: "خرج أمير المؤمنين إلى الصلاة صلاة الفجر فابتدره ابن بجرة وابن ملجم فضربه أحدهما ضربة إن الرجل ليعيش مما هو أشد منها، ويموت مما هو أهون منها"، قال: "ثم ذهب"فقال عبد الله بن وهب السبائي ـ ورفع يده إلى السماء ـ: "الله أكبر، الله أكبر"قال: قلت له: "ما شأنك؟ "قال: "لو أخبرنا هذا أنه نظر إلى دماغه قد خرج عرفت أن أمير المؤمنين لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه"ـ وفي رواية الجاحظ في البيان والتبيين: "لو جئتمونا بدماغه في مائة صرة لعلمنا أنه لا يموت حتى يذودكم بعصاه" [68]ـ نعود لرواية الخطيب قال ـ أي زحر ـ: "فوالله ما مكثنا إلا تلك اليلة حتى جاءنا كتاب الحسن بن علي: من عبد الله حسن أمير