إن المدرسة تستطيع تحقيق التربية الأخلاقية الكاملة كما ذكرنا عن طريقين: الأولى: الطريقة غير المباشرة بأن تكون المؤسسات الاجتماعية والمواد المدرسية وسلوك المعلمين ومن لهم صلة بالتعليم متمشية مع الأخلاق والسلوك الإسلامي والثانية تدريس علم الأخلاق كعلم مستقل بذاته.
إن المدرسة هي البيئة التي يتعلم فيها الطفل ويعبر فيها عن رغباته وميوله ويظهر فيها إمكاناته وقدراته وعلى المدرسة أن ترى ذلك كله وتوجه وتكمل رسالة البيت والمسجد لأن عمل كل واحد مكمل لعمل الآخر في تنمية شخصية الطفل وإعداده لحياته المقبلة ليكون على صلة بالله طيبة وبالمجتمع مفيدة وبالوطن مصدرا للخير والعطاء.
المعلم هو حجر الزاوية في العملية التربوية كما يقولون فالمدرسة تقوم بدورها بواسطة المعلم لذلك كان لا بد من إعداده لمهمته واختياره من النخبة الطيبة لذلك ركز علماء التربية قديما وحديثا على صفات لابد أن تتوفر في المعلم وقد حصر القدماء هذه الصفات في كلمات، فابن سينا يقول: "ينبغي أن يكون مؤدب الصبي عاقلا ذا دين، بصيرا برياضة الأخلاق، حاذقا بتخريج الصبيان، وقورا رزينا، غير كز ولا جامد، حلوا لبيبا ذا مروءة ونظافة ونزاهة" [29] ، ومن خلال تلك الآراء نستطيع أن نحدد الصفات الواجب توفرها في المعلم المسلم فيما يلي:
1- الورع وتقوى الله: وذلك بمراقبة الله سبحانه وتعالى في السلوك والأقوال فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم" والمعلم أب لأولاده يوجههم إلى الخير ويلتزم به في سلوكه والرسول صلى الله عليه وسلم يخبرنا أن أكرم الناس أتقاهم وأن أكثر ما يدخل الجنة تقوى الله وحسن الخلق، ولا بد أن يكون المعلم ورعا يشعر بأن الله معه أينما كان، وأن مراقبة الله الدائمة هي الموجهة للسلوك والإرادة فإذا لم يكن المعلم تقيا ورعا نشأ أولاده على الفساد والتحلل وانعدام الضمير والرادع.