وأما رفع الصوت بالذكر فلم ترد بها النصوص، بل إنها وردت بخلافه، فقد قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (الأعراف آية 55) ، وقال: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} (الأعراف آية 205) .
ولما رفع بعض الصحابة أصواتهم بالذكر- ولا شك أنهم ما عرفوا سوى الذكر المشروع- وسمعهم الرسول صلى الله عليه وسلم قال لهم: "أيها الناس اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنما تدعون سميعا بصيرا قريبا، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته"- متفق عليه- ومن ثم فإن ما تعارف عليه أولئك الجاهلون من الذكر المفرد والجماعي والجهري، إنما هو وحي الشيطان الذي أوقعهم به في شركه، بل وألقى هذا الرجيم في روع أوليائه أن الذكر بالألفاظ الأعجمية مثل: آهيا، شراهيا، أصباؤت آل شداى، آج أهوج، جلجلوت، إنما هو ذكر شرعي كذلك بزعم أن هذه الألفاظ هي أسماء الله تعالى باللغة العبرانية أو السوريانية [15] .
أليس في القران الكريم والسنة المشرفة وما ضماه من أسماء الله الحسنى وبيان الذكر المشروع بها غنية عما سواهما لأولئك الدجالين فيما يأفكون؟
ألا قتل الخراصون، الذين هم في غمرة ساهون، والذين يلحدون في أسماء الله تعالى، إنهم سيجزون ما كانوا يعملون.
احتجاج الجاهلين بقوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ} على الذكر المفرد:
وقد يحتج بعض الجاهلين بقول الله تعالى: {قُلِ اللَّهُ} في الآية رقم 91 من سورة الأنعام على مشروعية الذكر المفرد.