ويجاب عن هذه الشبهة بأن ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أخبار الدجال يقبله العقل السليم ولا يرده والعقل لا يتعارض مع النقل الصحيح وإذا لم يحصل الاتفاق والتطابق بين العقل والنقل على أمر ما تعين اتهام العقل كما ثبت في الصحيحين عن سهل بن حنيف رضي الله عنه أنه قال: "يا أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم". وكما جاء عن علي رضي الله عنه في سنن أبي داود قال الحافظ في الفتح بسند حسن أنه قال: "لو كان الدين بالرأي لكان مسح أسفل الخف أولى من أعلاه"هذا من جهة ومن جهة أخرى العقول تتفاوت فقد يقبل هذا ما لا يقبله هذا وأحاديث الدجال الثابتة صدق بها الصحابة الكرام رضي الله عنهم وقبلتها عقولهم وكذا التابعون لهم بإحسان فالعقول التي لم تقبل ما قبلوه قد أصيبت بمرض لا شفاء لها منه إلا بالاعتصام بما جاء في الكتاب والسنة والسير على ما درج عليه سلف الأمة.
ومن جهة ثالثة هذه الأمور التي يأتي بها الدجال هي من جملة فتنته التي هي أعظم فتنة في الحياة الدنيا وهي تحصل منه بإذن الله ابتلاءا وامتحانا للعباد في ذلك الزمان وهي غير مستحيلة عقلا أما كونها على خلاف ما هو معتاد ومألوف فنعم ومن أجل هذا صارت فتنة ومن عرف أن الله على كل شيء قدير وأن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى أخبر عن الدجال بهذه الأخبار التي منها طوافه البلاد ودخولها ما عدا مكة والمدينة ومعه جنة ونار أقول من عرف كمال قدرة الله وأخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم بهذه الأمور لم يتردد في التصديق بذلك وأنه سيقع وفقا لما أخبر به صلى الله عليه وسلم.
الشبهة الثانية: