فهذه الأفعال التي حصرها قدماء اللغويين وحصروها في باب الأفعال الملازمة للبناء للمجهول معظمها يرجع إلى ثلاثي مبني للمعلوم وإن كان لا يلحظه البعض بسهولة أو لا يطرد فيه ذلك نتيجة للخلط بين الفاعل النحوي والمعنى اللغوي وبعضها لا يسهل تحقيق ذلك فيه لأنه من المعلوم في غالب العادة أنه هو الله تعالى فحذف للعلم به حتى قال سيبويه: "لو أردت نسبتها إليه تعالى لكان الفعل على (أفعل) نحو أجنه الله أي فعل به ذلك" وقال غير سيبويه [35] إن هذه الأفعال التي ليست من أفعال الآدميين وقد جاءت على مفعول وفعله مما لم يسم فاعله إذا نسب الفعل إلى الله عز وجل كان على (أفعل) ... فمجيء الصفة على مفعول دليل قاطع على الجذر الثلاثي للفعل وأنه مبني للمعلوم جاء على صورة المبني للمجهول ففي هذا جانب من صواب وفائدة على أن ابن جني في الخصائص [36] يعقد بابا في نقض العادة يقول: غير أن ضربا من اللغة جاءت فيه هذه القضية معكوسة مخالفة فنجد فعل فيها متعدية وأفعل غير متعد وذلك قولهم: أجفل الظليم وجفلته الريح، وأشفق البعير إذا رفع رأسه وشنقته، وأنزف البئر إذا ذهب ماؤها ونزفتها واقشع الغيم وقشعته الريح وأنسل ريش الطائر ونسلته، وأمرت الناقة ومريتها إذا در لبنها ونحو من ذلك نحو ألوت الناقة بذنبها ولوت ذنبها، وصر الفرس [37] أذنه، وأصر بأذنه وكبه الله عن وجهه، وكب هو، وعلوت الوسادة وأعليت عنها..