رسائل لم يحملها البريد
بقلم الشيخ عبد الرؤوف اللبدي
أختي العزيزة (هل) :
منذ أزمان بعيدة سحيقة وأنا جد متوقة إلى أن أكتب إليك هذه الرسالة، غير أن السعي الحثيث وراء الدنيا، والحب الجم لجمع المال، قد شغلا أختك (همزة الاستفهام) عن أن تكتب إليك هذه الرسالة.
ولولا خشيتي المبالغة والتفيش لقلت إن الناس جميعا قد شغلوا بما شغلت به أختك هذه الأيام، فحب المال قد ألهى الرجال عن أزواجهم وذراريهم، وصرف العلماء عن كتبهم وقراطيسهم، وصد المدرسين عن الخلوص والإخلاص للدرس والتدريس.
وقد أكون قد ثبت إلى صوابي بعد هذا الضياع، ورجعت إلى رشدي بعد هذه الضلالة، أليس في هذه الرسالة التي أخطها إليك تباشير الصباح؟؟
أختي العزيزة:
أنت تعلمين ما بيننا من صلات رحم ووشائج قربى، فأنا وأنت أختان في الاستفهام، ولنا في هذا القبيل أخوات أخر لا ينبغي أن يهملن وينسين، لقد تبعثرنا في كتب العلم وتوزعتنا أبحاث العلماء، وأنا أخشى على صلات الرحم أن تتقطع، وعلى وشائج القربى أن تبلى، فكان لزاماً أن أتعرف أخبارك وأن أتحسس من الأخوات جميعاً، وليس هناك طريقة أجدى من هذه الرسائل نتجاذب فيها أطراف الأحاديث، ونتبادل فيها حقائق العلم والعرفان.
لقد كان كتاب الله العزيز أعظم صالة تجمعنا وأشرف نسب يضمنا وأعز مكان نقيم فيه، فحري بنا أن تتحدث كل واحدة منا عن أحوالها في هذا الكتاب العظيم، وعن مواضعها في آيات الله المعجزة.
لقد ذكرنا نحن- أدوات الاستفهام- في كتاب الله العزيز أكثر من ألف مرة، وإن شئت الدقة والتحديد فقولي ألفا وأربعاً وثلاثين، وأسأل الله تعالى أن أكون قد أصبت في هذا الحساب والإحصاء، فهو شيء قمت به بدءاً لم أجده في كتاب ولا أعلم أحداً قام به من قبل.