وكان زعماء الرابطة الإسلامية جماعة مثقفة بثقافة عصرية، وليس في أذهانهم فكرة واضحة عن النظام الإسلامي الذي تقوم عليه دولة باكستان، وكان هدفهم هو إنشاء دولة مستقلة للمسلمين على أساس (القومية الإسلامية) لا (الفكرة الإسلامية) أو النظام الإسلامي؛ وقام المودودي بمجابهة هذا التيار الذي يلقى تأييد عامة المسلمين بسبب الظروف الصعبة التي كان يعيشها المسلمون في الهند والمذابح الطائفية التي يتعرضون لها في كل مكان.. وقد شرح المودودي فكرته في مجلة ترجمان القرآن، وفي المحاضرات التي كان يلقيها في مختلف البلدان عام 1358هـ كقوله: "إن المسلمين ليسوا أمة كالألمان أو الإنجليز أو الهندوك تنتمي إلى عنصر مخصوص أو تنتسب إلى أرض بعينها، وإنما المسلمون حزب ذو فكرة ومبدأ، لا ينحصرون في أرض أو سلالة، وعليهم أن يجذبوا الهنادك إلى حزبهم العالمي ذي الفكرة السامية والنظرة العالمية الشاملة كما جذبهم أسلافنا من قبل".
وليس عجيبا أن لا تستوعب الأكثرية من المسلمين هذه الفكرة، وكان من الطبيعي أن تستهويها نظرية (القومية الإسلامية) بإزاء (القومية الهندية) لأن العاملين في الدعوة الإسلامية كانوا لا يملكون الوسائل، وفي الوقت نفسه كان عددهم قليلا جدا، وفي سنة 1359هـ صادق مؤتمر الرابطة الإسلامية على تأسيس (دولة إسلامية مستقلة) وعندئذ رأى المودودي أن الوقت قد حان لينتظم الذين تأثروا بدعوته وأفكاره في سلك جماعه تستعد لمجابهة ما سيعانيه المسلمون في الهند، وما سيواجهه الإسلام في باكستان، فاجتمع على دعوته خمسة وسبعون رجلا في مدينة لاهور من مختلف أنحاء البلاد الهندية وأسسوا (الجماعة الإسلامية) وانتخبوه أميرا لها وكان ذلكَ في الثاني من شهر شعبان 1360 هـ.