وقال النووي في المجموع: "ثم ضابط قص الشارب: أن يقص حتى يبدو طرف الشفة ولا يحفه من أصله، هذا مذهبنا.." [71] .
وقال العراقي: "إن التقصير هو مذهب مالك والشافعي.." [72] .. وتعبير النووي والعراقي وهما من أساطين المذهب الشافعي أكثر تحقيقا عن اتجاه المذهب من غيرهم.. بمعنى أن السنة في الشوارب في المذهب الشافعي: هي التقصير.. وهذا مخالف لما حكاه ابن خويز منداد عن الشافعي أنه كالحنفي يرى الاحفاء [73] كما يتنافى مع ما حكاه الطحاوي من أن أصحاب الشافعي كالمزني والربيع كانوا يحفون، وما أظنهم إلا أنهم أخذوا ذلك إلا عنه [74] ..
وأهم ما استند إليه هذا الفريق في القول: بأن السنة في الشوارب هي التقصير: دلالة الأحاديث الكثيرة الواردة بلفظ القص أو التقصير، والتي أشرنا إلى بعضها فيما تقدم.
وأيضا بما روى عن ابن عباس أنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقص أو يأخذ من شاربه، قال: وكان خليل الرحمن إبراهيم يفعله"أخرجه الترمذي، وقال: "هذا حديث حسن غريب.." [75] .
وكذلك حديث زيد بن أرقم عند الترمذي أيضا "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من لم يأخذ من شاربه فليس منا.." قال الترمذي عنه: "هذا حديث حسن صحيح" [76] .
وقد وضح حديث المغيرة كيفية الأخذ حيث جاء فيه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا طويل الشارب فدعا بسواك وشفرة فوضع السواك تحت الشارب فقص عليه.." [77] .
كما يستدل هذا الفريق بفعل بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد ذكر البيهقي بإسناده إلى شرحبيل بن مسلم الخولاني.. قال: "رأيت خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصون شواربهم ويعفون لحاهم ويصفرونها: أبو أمامة الباهلي، وعبد الله بن بسر، وعتبة بن عبد السلمي، والحجاج بن عامر الثمالي، والمقدام ابن معد يكرب الكندي، كانوا يقصون شواربهم مع طرف الشفة.." [78] ..