وكانت ولادة الشاعر في عين التمر وهي قرية قرب الأنبار غربي الكوفة سنة 130 وانتقل مع أبيه صغيرا إلى الكوفة وكانت الكوفة مدينة العلماء والمحدثين والعباد والزهاد، وقد عاصر فيها الشاعر أمثال علقمة بن قيس وعمرو بن عتبة بن فرقد والربيع بن خيثم وأويس القرني والنخعي والشعبي وسفيان الثوري وشريك القاضي وابن أبي ليلى وأبي حنيفة والكسائي والفراء.

ومع اتساع الكوفة وانتشار الرخاء نشأت فيها طوائف من المُجَّان يقولون الشعر، متنقلين على معاهد اللهو، وموغلين في حمأة المفاسد، يفسقون ويتهتكون ويتزندقون وينعتون أنفسهم بالظرف، وأنهم حلية الأرض ونقش الزمان. . أمثال حماد عجرد ووالبة ابن الحباب ومطيع بن إياس ويحي بن زياد وشراعة بن زندبود [2] .

فيحي بن زياد مثلا كان زنديقا وكان يتصنع الظرف وحسن المظهر، يقول فيه الخطيب البغدادي: "كان شاعرا أديبا ماجنا نسب إلى الزندقة وكان صديقا لمطيع، وحماد، ووابلة وغيرهم من ظرفاء الكوفيين" [3] .

في هذه البيئة نشأ أبو العتاهية وكان يخالط هؤلاء الشعراء المجان، ويختلف إلى حلقات العلماء ومجالس العباد، وقد كان فقيرا فكان يعمل مع أبيه في بيع الفخار بالكوفة، وقال الشعر وبرع فيه وهو حدث، وظهر نبوغه في وقت مبكر.

روي أنه اجتاز بفتيان جلوس يتناشدون الشعر، وكان يحمل قفص فخار ويدور به ويبيع منه، فسلم ووضع القفص عن ظهره ثم قال للفتيان: "أراكم تتذاكرون الشعر وتقولونه أفأقول شيئا منه فتجيزونه؟ فإن فعلتم فلكم علي عشر دراهم وإن لم تفعلوا فعليكم عشرة دراهم؟ ". فهزئوا منه وسخروا وقالوا: "نعم لا بد أن نشتري بأحد القمارين رطبا يؤكل، فإنه قمار حاصل". وجعل رهنه على يد أحدهم، ففعلوا فقال: أجيزوا

ساكني الأجداث أنتم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015