وقد حمل أحمد والظاهرية النهي على التحريم لأن النهي إذا أطلق وليس له صارف يكون للتحريم. وقد تشدد أهل الظاهر في هذه المسألة حتى قال الحسين بن عبد الله الناصري، في كتابه (البرهان) على مذهب أهل الظاهر: ولو استنجى بيمينه لا يجزيه، وهو وجه عند الحنابلة وطائفة من الشافعية [147] .

4- كما ينبغي عليه إذا أراد الإستنجاء عقب البول أن يستبرئ منه حتى لا ينزل منه شيء بعد الإستنجاء أو بعد الوضوء. وهو يختلف باختلاف الأشخاص، فقد يكون بالمشي بضع خطوات، وقد يكون بالتنحنح قليلاً، وقد يكون بالسلت والنتر الخفيفين؛ والسلت: هو إمرار الإبهام على أعلى القضيب من بدايته والسبابة من أسفله كذلك. ويمرهما معاً ثم ينتره نتراً خفيفاً بضع مرات مع التلطف وعدم الإسترسال في ذلك، حتى لا تسترخي أعصاب القضيب وتسبب له أضراراً كثيرة وأيضاً: حتى لا يصل إلى الوسوسة المضرة بالدين وبعض الناس لا يحتاج في استبرائه إلى شيء من ذلك. وبالجملة: ينبغي على المرء أن يستبرئ حتى يطمئن إلى عدم نزول شيء من البول بعد الإستنجاء أو بعد الوضوء – وقد وردت في الإستبراء أحاديث كثيرة أصحها حديث ابن عباس في قصة صاحبي القبرين فقد جاء فيه: "أما أحدهما فكان لا يستنزه من بوله " وفي الترمذي "لا يستتر من بوله "أي لا يتحفظ منه وعند أبي نعيم "كان لا يتوقى " أخرجه مسلم والبخاري وأبو داود والنسائي [148] .

وقد اختلف العلماء في حكم الإستبراء؛ فأوجبه المالكية وبعض الحنفية وبعض الشافعية. وقال يندبه الحنابلة وبعض الحنفية وأكثر الشافعية.

وأرى أن يحمل الوجوب على ما إذا تحقق أو غلب على ظنه بمقتضى عادته أنه إذا لم يستبرئ خرج منه شيء بعد التطهر. فإن لم يتحقق أو غلب على ظنه ذلك، فإنه يندب فعله على سبيل التحوط [149] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015