والحياة إنما تتحقق إذا اتجهت وجهتها الصحيحة التي أرادها الله لها، ومن أجلها خلق الأحياء والله عز وجل خلق الخلق لعبادته. قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [6] ومن ثمَّ شبّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي يذكر ربه بالحي حسية، ومعنوية بما يفاض عليه من الخير والبركة والفضل وبما يغشاه من التجليات الإلهية والأنوار الربانية، وبما ينعم به من سكينة نفسية وطمأنينة قلبية فذكر الله عز وجل منقبة جليلة ومكرمة عظيمة وفضيلة رفيعة.
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له:"يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ فأخبرني بشيء أتشبث به ". فقال:"لا تزال لسانك رطباً بذكر الله ". رواه الترمذي.
وقال عليه الصلاة والسلام:" إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله تعالى " [7] وقد سئل عليه الصلاة والسلام، أي أهل المسجد خير؟ قال:"أكثرهم ذكراً لله عز وجل". قيل: أي الجنازة خير؟ قال:" أكثرهم ذكراً لله عز وجل ". قيل وأي المجاهدين خير؟ قال: "أكثرهم ذكراً لله عز وجل". قيل: وأي الحجاج خير؟ قال:"أكثرهم ذكراً لله عز وجل". قيل: وأي العباد خير؟ قال:" أكثرهم ذكراً لله عز وجل ".
قال أبو بكر:"ذهب الذاكرون بالخير كله " [8] .
وقال عبيد بن عمير:"أن أعظمكم هذا الليل أن تكابدوه، وبخلتم على المال أن تنفقوه، وجبنتم عن العدو أن تقاتلوه فأكثروا من ذكر الله عز وجل " [9] .
وقال عليه صلوات الله وسلامه: " ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا العدو فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ "قالوا: بلى يا رسول الله قال: "ذكر الله " [10] .