الذكر وأثره في حياة المؤمن
لفضيلة الدكتور عبد الرحمن بله علي / كلية اللغة العربية
الذكر المأثور:
إن ذكر الله عز وجل، مع يسره وخفة مؤونته على اللسان والنفس من أعظم القربات، وأبرك الطاعات، وأكثرها، ثواباً وأحمدها عند منقلب إياباً كما أنه ذو أثر كبير على سلوك المؤمن في هذه الحياة الدنيا، فهو يصل العبد بربه ويجعله يحلق في آفاق عالية من الطهر والصفاء، فينعم بالقرب والحب والأنس فينعكس ذلك عليه تزكية نفس، وتهذيب أخلاق واستقامة سلوك، واستنارة بصيرة، وشرف مكانة وسيرة.
ولا يكفي أن يلهج اللسان بالذكر فحسب بل لا بد أن يخفق القلب بالحب، ويقوم الذهن بالتأمل واستحضار المعاني والمقاصد وتدفع العاطفة إلى العمل والسلوك، كما أن الذكر لا يؤدي غرضه، ولا يحدث في النفوس أثره إلا إذا جاء مأخوذاً من أذكار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أذكار محفوظة مدونة في كتب السنة ما بيننا وبينها إلا أن نطلع عليها، ونأخذ منها ونشغل أنفسنا، ونرطب ألسنتنا بها، وندع ما وجدنا عليه آباءنا وأجدادنا.
وقد نهض جماعة من العلماء الأخيار فدونوها مبوبة في مؤلفات مثل الشيخ النووي الذي ألف كتاب (الأذكار) الذي جمع فيه ما تفرق من غيره من كتب الحديث مما لا غنى لمسلم عنه، ومثل الإمام ابن القيم الذي ألف (الوابل الصيب) مع تقدمه في الفوائد الذكر وفضله وأسراره وأحكامه ومثل (تحفة الذاكرين) للشوكاني ومثل (المأثورات) للإمام حسن البنا التي جاءت حافلة بالمفيد حاوية لكل طيب سهل التطبيق، مؤكد النسبة والتحقيق، وغيرها من الكتب التي اهتمت بأمر الذكر تحقيقاً ورصداً وتبويباً وشرحاً..