هذا هو الإسلام الذي ساد به سلفنا الصالح، فنشروا به في العالم حضارة أخرجت الناس من الظلمات إلى النور، حملت معها مبادئ: الرحمة، والسماحة، والعدالة، والأخوة، والمساواة، والصدق، والأمانة، والإخلاص، والوفاء، وغير ذلك من المبادئ السامية، بعد أن ترجمتها في الآفاق سلوكاً عملياً كانوا به أعظم القدوة لمن أراد أن ينهج نهجهم، ويسير على درب الهدى والنور.
هذا هو الإسلام، عقيدة ومنهاج، سياسة واقتصاد، تربية واجتماع، سلم وحرب، مصحف وسيف، دين ودولة، أمن وأمان، سعادة في الدنيا والآخرة. به وحده تُحلُّ المشكلات كلها مهما استصعب، وبه وحده تفرج الكروب جميعاً مهما استحكمت حلقاتها. وفي هذا يقول ربنا تبارك وتعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ} [8] .
بهذا المفهوم كان الإسلام صالحاً لكل عصر وفي كل مصر، فقضى الله تعالى أن يكون عالمياً يعم البشرية جميعاًً، لأنه لا منجاة لها إلا بهذا الإسلام، ودعاهم إلى الإيمان به وإلى اتباعه ليسلك بهم طريق الهدى والرشاد – فقال سبحانه: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [9]