والآية الكريمة من سورة الزمر - {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ ... } الآية - توجه الأنظار للتأمل والتدبر في ظاهرة تتكرر في أنحاء الأرض، حتى لتذهب بجدتها وما فيها من عجائب في كل خطوة من خطواتها..؛ فهذا الماء النازل من السماء.. ما هو وكيف نزل؟.. إننا نمر بهذه الخارقة سراعا لطول الألفة وطول التكرار، إن خلق الماء في ذاته خارقة، ومهما عرفنا أنه ينشأ من اتحاد ذرتَيْ أيدروجين بذرة أكسوجين تحت ظروف معينة؛ فإن هذه المعرفة خليقة أن توقظ قلوبنا إلى رؤية يد الله التي صاغت هذا الكون بحيث يوجد الأيدروجين ويوجد الأكسوجين، وتوجد الظروف التي تسمح باتحادهما، وبوجود الماء من هذا الاتحاد، ومن ثم وجود الحياة في هذه الأرض.. ولولا الماء لما وجدت حياة، إنها سلسلة من التدبير حتى نصل إلى وجود الماء ووجود الحياة، والله من وراء هذا التدبير وكله مما صنعت يداه..
ثم نزول هذا الماء بعد وجوده، وهو الآخر خارقة جديدة ناشئة من قيام الأرض والكون وفق نواميس قدرها الله في هذا الكون، ودبر حركتها ونتائجها؛ فسمح بتكون الماء ونزوله [29] ، ثم تجيء الخطوة التالية لإنزال الماء: {فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ} ..
سواء في ذلك الأنهار الجارية على سطح الأرض، والأنهار الجارية تحت طباقها مما يتسرب من المياه السطحية، ثم يتفجر بعد ذلك ينابيع وعيونا، أو يتكشف آبارا؛ ويد الله تمسكه فلا يذهب في الأغوار البعيدة التي لا يظهر منها أبدا!!. . {ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ} . .