وما كان من هؤلاء المتجاهلين لأوامر الله سبحانه وتعالى إلا أن جعلوا للكحول - العنصر المسكر بالخمر - مكان الصدارة في تجهيز المستحضرات الصيدلانية، والتركيبات الدوائية، وفي الأغراض العلاجية، ابتداء من توليد الدفء وفتح الشهية للطعام، إلى التطهير وعلاج بعض أمراض القلب، وغير ذلك من الأسقام، ولم يلتفتوا ألبته إلى مضاره؛ فيتركونه كدواء إلى ما هو أفضل منه، ولم يسلكوا طريق البحث الجاد بقصد التوقف عن استعمال الكحول في الأغراض الصيدلانية والتجهيزات الدوائية، كما لم يستعينوا بالوسائل الصناعية المتطورة؛ لاستنباط الفنون الصيدلية التي تعينهم وتمكنهم من الاستغناء عن الكحول في الصناعات الدوائية، ومستحضرات التجميل.
ومن قبل برع علماء الأمة الإسلامية في علم الكيمياء، وتعرفوا على (الكحول) في أبحاثهم وتجاربهم، وكان العالِم الإسلامي الشهير (أبو بكر الرازي) - الذي برع في علوم الطب والصيدلة والكيمياء - أول من حصل أثناء تجاربه على الكحول، عن طريق تقطير المواد السكرية والمواد النشوية بعد تخميرها، ورغم معرفة علماء الأمة الإسلامية للكحول في صوره المختلفة، وللكحول نقيا؛ فإنهم - وهم على قمة التقدم العلمي والحضاري في سالف الزمان - لم يستخدموه في التجهيزات الصيدلانية، ولم يستعملوه في التركيبات الدوائية، ولم يصنفوه في علاج الأمراض، ولم يجدوا أية ضرورة تدفعهم إلى استخدام (مادة) يعلمون أن إثمها عظيم وضررها كبير، وكما أنهم وجهوا كل دراساتهم الطبية والصيدلية، وتحصلوا على كل احتياجاتهم الدوائية بعيداً - وبعيداً جدا - عن هذه المادة الخبيثة.