وهذا اليوم الذي يجب أن تخشوه هو يوم الساعة؛ فكانت بعد الآية السابقة لتكون أول الآية اللاحقة في أفضلية الترتيب على الخمسة، وحيث هي أرفعها، فما وجدت الأربعة التالية إلا من أجل الساعة {وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ} ، ولهذا أكد وحدها من دون الخمسة تعظيما لأمرها؛ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} والأربعة التي بعدها ترتيب زمني وضروري أن تسبقها التي قبلها لتأتي التي بعدها؛ فلا بد من الماء أولا لتكون الحياة، فإذا ما أنتجت الأرحام أن يحيى نتاجها، حيث أعد لها الماء والغذاء {فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً} ، فالصبر أولا لتشق الأرض فيعد من الطعام لمن يأتي من الأرحام، ومن هنا كان ترتيب الأرحام بعد الماء، بعد ذلك يأتي الغد ليعرف به اليوم فجاء الغد في ترتيبه، فإذا لم يأت الغد لمجيء الموت توقفت اليوم وانتهت الحياة؛ فكان الموت في آخر الخمسة.
فلنبدأ بأولاها وهي الساعة، وما أظن إلا اعتراضا جال بصدر أحدكم خاصة إذا كان متتبعا لحديثي هذا فسيقول على الفور: كيف تدخل الآن الساعة ضمن المفاتيح التي قلت إنه يمكن أن يفتح علينا منها في الدنيا، والساعة من غيب الآخرة، وغيب الآخرة لا يعلم إلا بعد الموت كما ذكرت؟
فأقول: إنه الخطأ الشائع الذي أرجو أن أصححه الآن، فالساعة من الدنيا وليست من الآخرة، وسأثبت أنها كذلك.