وأحسبك قد وقعت فيما لم يكن في حسبانك حتى صار استدلالك عليك في كل ما ذكرته من الأدلة مما لم تنعم النظر فيه، فقلت على الرسول صلى الله عليه وسلم ظلما وعدوانا، وافتريت عليه بأنه كان لا يحرم الغناء، ولم تدرك معنى الكلمة هذه، وذكرت أن الغناء كان في عهده وعهد الخلفاء الراشدين من بعده.. ويا لها من حجة واهية وكلام سقيم وتعدّ على حرمة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام الطيبين الذين مدحهم ربهم بإعراضهم عن اللهو وعن الزور.
وأنهم إذا مروا به مروا كراما، وأنت تدعي أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحرمه، ولا أصحابه من بعده لم ينكروه؛ فهذا تجنّ وقول بغير فهم، وكيف لك أن تقول في كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ليس لك به علم، أوَ ما علمت أن رجالا نقبوا عن الحق حتى لم يدعوا لوارد منهلا؟ فكيف بك وأنت لا تنتسب للعلماء أو طلبة العلم، وتقول برأيك ولا تخشى أن تحل ما حرم الله وتجعله عنوانا للحضارة والرقي؟! وكأني بك حين أنقض حجتك وأبطل دعوتك، وأنت حائر في صنعتك أو مقلع عن رأيك مشتت الذهن سارح البال.
وإلا يكن كذلك فأتحفنا بأخبار بعض المغنين الذين اشتهروا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أو الخلفاء الراشدين.. من هم؟ ومن أين جاءوا؟ وهل كانوا رجالا أم نساء؟.. وما نوع الغناء الذي كانوا يصدحون به؟ ... وما أشكال الآلات الوترية التي كانوا يعزفون عليها أغانيهم؟ وما التصفيق الذي نسبته إليهم هل كان بفرقعة الأصابع أم بضرب الكفوف؟ ... وهل كانوا يؤدون ذلك في المساجد أو على قارعة الطريق؟ وما هي القواعد التي رسموها للغناء والتي لم تكن معروفة في الجاهلية؟ ومن الذي نسب النغم للحجاز؟ هل هو سعيد بن المسيب أم الإمام مالك؟ أو هو من الفساق الذين رغبوا عن القرآن واستبدلوا به مزمار الشيطان؟.
أسئلة أطرحها عليك يا مربي الأجيال قبل مناقشتك..