إن قلتم: خاص بقبر النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره، قلنا: هل عرفتم ذلك بدليل أم بتعليل؟.. إن قلتم: بدليل، قلنا: تكرموا علينا وعلى عامة المسلمين فبينوا هذا الدليل؛ لأنه خفي علينا، وكتمان العلم حرام، وإن قلتم: عرفنا ذلك بتعليل، قلنا: العلة التي بينها المصطفى عليه السلام لزيارة القبور هي تذكر الآخرة فقط، فهل عثرتم على علة أخرى؟.. أفيدونا مأجورين.
أما مسألة الدعاء للأموات التي قلنا إنها أخذت من فعل الرسول عليه السلام وأجابته لمن سأله ماذا يقول إن هو زار القبور فقد قلنا: لا تنطبق في حق الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لاستغنائه عن دعاء غيره إلا فيما بيّنه، ولم يقل عند قبري بل قال: "إذا سمعتم المؤذن"، وهذا بالنسبة لسؤال الوسيلة، وبالنسبة للصلاة والتسليم عليه فهما في الصلاة المفروضة والمستحبة، وعند دخول المسجد، وعند ذكره عليه الصلاة والسلام، وفي كل مناسبة وكل زمان ومكان.
بل قد قال عليه الصلاة والسلام: "وصلوا علي؛ فإن صلاتكم وتسليمكم يبلغني حيثما كنتم"، قال ذلك في الوقت الذي نهى فيه عن اتخاذ قبره عيدا، فالله المستعان..
وإن قلتم عام لقبور الصالحين والعلماء والأقارب، أو لجميع المسلمين وما إلى ذلك.. قلنا: ولِمَ لا تذكرون الصالحين أبداً؟.. بل كلامكم خاص بقبر الرسول عليه الصلاة والسلام، ومقصور عليه مما أوهم العامة أن هناك نصوصاً وإرادة بالأمر بزيارة قبره صلى الله عليه وسلم على الخصوص [7] .
وقال الشيخ - وهو يروي لنا تأويل ابن حجر لحديث النهي عن شد الرحال -: وبتأمل كلام ابن حجر نجده يتضمن إجراء معادلة على نص الحديث بأن له حالتين فقط:
الأولى: أن يكون النهى منصباً على شد الرحال لأي مكان سوى المساجد الثلاثة من أجل الصلاة، وماعدا المساجد والصلاة خارج عن النهي، وعلى هذا تخرج زيارة القبور مع غيرها من الأمور الأخرى عن دائرة النهي.