إن الله تعالى جعل المساجد أماكن للعبادة؛ فيتوجه المسلم إلى مسجد ليؤدى فيه عبادته لربه كما أمره سبحانه وتعالى، فكان من السائغ عقلا أن يكون السفر إليها فضيلة محمودة لمن يريد أن يجعل لعدد كبير من بيوت الله نصيبا من عبادته، تلك البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه تبارك وتعالى، وقد قرر الفقهاء أن المسجد الأقدم والأكثر جماعة والأبعد من منزل الإنسان أفضل من عكسه، وهذا مسجد قباء قد ثبت فضله شرعا، ومع ذلك لم يستثن مع المساجد المستثناة، أما القبور فلم يجعلها الله ورسوله أماكن للعبادة، بل على العكس فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في المقابر، وجعلها من المواقع التي لا تصح الصلاة فيها، ولعن اليهود والنصارى لاتخاذهم المساجد على القبور محذرا أمته من أن تحذوا حذوهم، مكررا ومؤيدا حتى آخر لحظة من حياته الشريفة، ولكنه مع هذا قد أخبر - عليه السلام - أن أمته ستحذو حذو اليهود والنصارى وتتبع سننهم؛ رغم تحذيره ومبالغته في النصح والتنبيه، ومن أبرز سننهم التي حذر الرسول أمته من اتباعها - وقد اتبعوها - اتخاذ القبور مساجد، وهذه مبدؤها الغلو في القبور واتخاذها أعيادا بكثرة التردد عليها، ثم التعلق بأهلها وتوجه القلوب إليهم ثم دعاؤهم من دون الله، ثم.. ثم.. ثم.. ثم.. الخ.