فالصوم يورث تقوى الله، وهي إذ انتظمت المجتمع رجاله ونساءه وشبابه.. عماله وموظفيه.. زراعه وتجاره.. حكامه وجنوده فأكرم بمجتمع يتكون من المتقين. وعن الحج يقول عز وجل من قائل: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجّ} [4] فهو تربية على مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات ورقيات الكمال. وهكذا تتعاون هذه العبادات على تهذيب الخلق، وتزكية النفس، وطهارة الروح كما تتعاون أنواع الطعام على بناء الجسم وصيانة البدن لينشطك في أداء وظائفه، ويؤدي في كفاءة جميع واجباته ومناشطه والمجتمع الفاضل أمنية أقضت مضاجع المصلحين، وأسهرت ليل المفكرين، فماتوا ولما يتحقق منها شيء حتى جاء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم بمنهج الخالق ووحي السماء فإذا المجتمع الذي كان أمنية في عالم الخيال حقيقة دنت من الناس، ورمت إليهم بخيراتها وثمارها، وملأت عيونهم بجمالها وقلوبهم بجلالها فإذا هم بها في غبطة وهناء وسعادة وأمن ورخاء روى التاريخ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما ولي قضاء المدينة المنورة على عهد أبي بكر رضي الله عنه مكث عاماً كاملاً لم ترفع إليه فيه قضية واحدة فطلب من الخليفة إعفاءه من منصبه فلما سأله عن السبب قال:"إن قوماً يوقر صغيرهم كبيرهم ويرحم كبيرهم صغيرهم يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، القوي فيهم ضعيف حتى يؤخذ الحق منه والضعيف فيهم قوي حتى يؤخذ الحق له، إذا مرض أحدهم عادوه وإذا مات شيعوه واتبعوه، قوم هذا شأنهم لا حاجة لهم بقضاء عمر".