فإن الضجر، وسرعة الغضب، والعجلة لا يتأتى لصاحبها عمل ناجح مثمر أبداً. كما أن الخلط، والفوضى، والجهل لا ينتج عنها، غير ضلال السعي، وخيبة الأمل، كما هو معروف بين العاملين بصدق وجد في هذه الحياة. ومن هذه النقاط الست يتكون الطريق المطلوب بيانه للجماعات الإسلامية، العاملة في الحقل الإسلامي الصحيح.
الإخلاص:
وهو التجرد من كل الخطوط النفسية، والأغراض الدنيوية بحيث لا يكون للجماعة العاملة غرض سوى الإصلاح كما قال نبي الله شعيب عليه السلام فيما قصه القرآن عنه: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [14] إذ اتخاذ العمل الإصلاحي وسيلة إلى تحصيل حظ نفسي من سمعة، أو جاه، أو منصب، أو مال، أو أي كسب مادي شرك فيه، والشرك محبط للعمل، مبطل له، لقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [15] . كما أن الناس إذا رأوا العامل المصلح له رغبة فيما في أيديهم من مال أو سلطان رغبوا عن دعوته وأعرضوا عنها، وكلما اتضح لهم ميله إلى دنياهم وحبه لما خولهم الله تعالى من مال، أو دولة، ازداد نفورهم منه، وحذرهم له، ثم لم يلبسوا أن يقاوموه ويحاربوه دفاعاً عن مكانتهم، وما بأيديهم فلهذا وجب على الجماعات الإسلامية أن ينطلق عملها من مبدأ الإخلاص الكامل، وهو كما مر: التجرد التام لله تعالى في عملها، فلا تعمل لأي غرض سوى غرض واحد وهو أن يعبد الله تعالى وحده بما شرع لعباده أن يعبدوه به، مما أنزل به كتابه وأرسل به رسوله ليكمل العابدون ويسعدوا في الحياتين.
الصبر:
والمراد به: حبس النفس على ما تكرهه وتنفر منه، وله مواطن كثيرة منها: