إن العداء الموجود اليوم بين المسلمين عداء مستحكم شديد، وهو قائم بين الحكومات وبين الجماعات كذلك، وحتى بين الأفراد، فلذا لم يوجد أي تعاون صادق بين المسلمين وفي أي مجال من مجالات الحياة. مع أن التعاون بين المسلمين مبدأ أساسي في كمال حياتهم، وطهرها، وسعادتها، لقول الله تعالى لهم: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ومنذ أن حلت العداوة بين المسلمين محل المحبة ترك بينهم واجب قيام الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، إذ لا يتم هذا الواجب على وجهه الكامل المثمر إلا بين جماعات متوائمة متحابة، وما دام لا وئام، ولا حب بين المسلمين حكومات، وجماعات وأفراداً، فلا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر، وإذا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في بلد عمه الفساد وهلك أهله لا محالة [4] .
3 - قسوة القلوب:
إن ظاهرة قسوة القلوب بين أفراد المجتمع الإسلامي لظاهرة غريبة، وخطيرة في نفس الوقت.
غريبة، لأن طبيعة العقيدة الإسلامية القائمة على أساس الإيمان بالبعث والجزاء {وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً} - وعلى مبدأ الرحمة والإخاء {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [5] "الراحمون يرحمهم الله" [6]- "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" [7] .
يتنافى معها قسوة القلوب التي تنجم عادة عن الكفر والظلم.. وخطيرة لأن مجتمعنا حين تنعدم فيه الرحمة حتماً ينعدم منه الخير، ويعمه الشر، ويكثر فيه الفساد، وبالتالي تنتظم أهله التعسة والشقاء.