أ – {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (الكهف: 29) ، {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (التكوير: 28) ، {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ} (البقرة: 281) ، {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (البقرة: 286) ، {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} (آل عمران: 182) .
هذه المجموعة وما في معناها من نصوص الكتاب والسنة تفيد أن أفعال الإنسان تقع بإرادته ومشيئته واختياره.
ومما يؤيد هذا المعنى أن المجنون لا يسأل عن أفعاله بإجماع؛ لأنها لم تقع منه بإرادته أو بإرادة معتبرة.
ب – المجموعة الثانية: {وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ} (يس:42) ، {وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} (النحل: 80) ، {وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (الصافات: 96) .
تفيد هذه المجموعة وما شاكلها من نصوص الوحي أن الإنسان وإن كان فاعلاً لأفعاله حقيقة لا مجازاً وله إرادة ومشيئة ولكن إرادته ومشيئته مخلوقتان لله، وهما سببان فقط لإيجاد فعل الإنسان، والله خلق السبب والمسبب معاً، وكون الإنسان يفعل بإرادته، لا يخرج فعله من عموم مخلوقات الله فالسفينة يصنعها الإنسان بيده، ولكن الله خالقه وخالق يده وإرادته، وكذلك البيوت والجلود المذكورات في المجموعة الثانية والله ولي التوفيق.
هكذا تتفق الآيات التي ظاهرها التعارض, ولا تعارض في واقع الأمر إذ دلت المجموعة الأولى أن للإنسان تدخلاً في أعماله بحيث يثاب على الحسنة ويعاقب على السيئة، فتضاف إليه أعمال حقيقة.
ودلت المجموعة الثانية أن الإنسان وأعماله مخلوقات لله تعالى وهو الخالق وحده سبحانه.
سر القدر