ولولا بنو العباس عم محمد
لأصبح نور الحق فيه خمول
لكم جبلا الله اللذان اصطفاهما
يقومان بالإسلام حين يميل
نبوته ثم الخلافة بعدها
ومالها حتى اللقاء حويل
كما يمدح آباء ممدوحيه وأجدادهم بأهم الصفات والخصال التى برزوا فيها.
فحين مدح الراضى بالله اشار إلى عدل أبيه المقتدر، ومدحه بأنه العادل، الذى أحبا عدله
البرية حتى أن الناس سموه بالفاروق. يقول:
إلى ابن الذى أحيا البرية عدله
فشبه بالفاروق منهم أبى حفص
وحين مدح ابن مقلة وزيره، مدح آباءه بالشرف والمجد، ووصفهم بأنهم نجوم الورى، الساطعة دوما، وأن المجد الموقوف عليهم، والناس لهم عارفون، ولعزيمتهم مقدرون لأنهم يملكون زمام السياسة والكتابة، وأن قلمهم يجمع بين البيان والحسن، ومدح كتابهم بأنها كالرقوم الموشاة، تحتوى أكل المعاني وأجملها. يقول:
أنتم يابني علىّ نجوم
للورى في الضياء ليست تغيم
خيمت فيكم محاسن خط
لاح منها للناس در عضيم
قلم جامع بيانا وحسنا
ما حوى فيه مثلكم إقليم
تتباهى به القراطيس حسنا
مثل وشى تروق منه الرقوم
وغلام كأنه زهر الروض
بدت للنجوم منه نجوم
قد أحاطت به عيون المعاني
وأضاءت في جانبيه الظلوم
والصولى -في مدائحه- يضيف إلى كل العناصر السابقة التى تناولها.. عناصر أخرى تتصل بأبرز سمات الممدوح، ولقد كان من أبرز سمات الراضي بالله..العلم والأدب. لذلك ركز الصولى على هذا العنصر تركيزاً شديداً، فمدحه بأنه أجل الناس علماً، وأن هذا العلم هو الذى أحيا سنن الدين بعد أن عفت، كما مدحه بأنه الخطيب المفوه، الذى يؤم المسلمين، ويفعل ما كان يفعله النبي وخلفاؤه الراشدون.. يقول:
أجل الناس آراء وعلما
مقال ليس يقرن بالأفوك
وما أحياه من سنن تعفت
فدار صلاحها دور الدموك
ركوب للمنابر سار قصدا
إليها وهى حائرة السلوك