يجوز له سواه، وهو تحويل ما في المصحف إلى تنفيذ تام على نفسه وعلى قومه، فهو سلطان الله في أرضه كما وصف عمر رضي الله عنه نفسه بذلك، وصاحب عافية البدن شكره الإكثار من العبادة وعون العاجز والكليل، وصاحب الوظيفة أو المنصب الرفيع شكره الإخلاص وخدمة الناس، وصاحب السعة في الرزق شكره عدم قبض يده لتظل العليا وليست السفلى، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم قوله "بينما رجل يمشي بفلاة من الأرض، فسمع صوتا في سحابة: اسق حديقة فلان، فتنحى ذلك السحابُ فأفرغ ماءه في حرة فإذا شرجة من تلك الشراج (قناة الماء) قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء، فإذا رجل قائم في حديقة يحول الماء بمسحاته، فقال له: يا عبد الله، ما اسمك؟ قال: فلان، للاسم الذي سمع في السحابة، فقال له يا عبد الله لم تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتا في السحاب الذي هنا ماؤه، يقول: اسق حديقة فلانٍ لاسمك، فما تصنع فيها؟، فقال: أما إذ قلت هذا، فإني أنظر إلى ما يخرج منها، فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثا، وأرد فيها ثلثه"، رواه الإمام مسلم، فانظروا إلى قدر الشكر عند الله، يسخر سحابة كاملة لعبد شاكر، ويعين لها الاسم، فتطيع وتطير بمائها وتلقيه حيث أُمِرَتْ، على أن نوعا من الناس لم يعط من مادة الدنيا ما يمده للغير على نحو ما ضربنا من الأمثال، فهو ليس بحاكم، أو به علة منغصة، أو قدر عليه رزقه، فالأول لا يحبك انقلابا لمجرد أن يحكم هو، فقد يمسي مقتولا أو مسجونا، وصاحب العلة المنغصة يغدو بها ويروح، لا يحسد الصحيح، فهو خير ممن ألزمته علته الأرض حتى غدا لا هو حي ولا هو ميت، ومن لا يملك إلا قوت العيال، فلا يحسد ذا المال، فهو خير ممن اضطر أن يتكفف الناس، فهؤلاء وأشباههم شكرهم مداومة النظر إلى من تحتهم فيطمئنون إلى أنهم أحسن كثيرا من غيرهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يوجهنا بجميل قوله بروايتين للبخاري ومسلم، الأول يقول: "إذا نظر أحدكم إلى من فضل